لَا بَلْ نَحْنُ رُسُلُ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وَفِي سَبِيلِ الله، وَقَدْ اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ فَكُلُوا، فَأَقَمْنَا عَلَيْهِ شَهْرًا، وَنَحْنُ ثَلَاثُمِائَةِ حَتَّى سَمِنَّا، فَلَمَّا قَدِمْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ:"هُوَ رِزْقٌ أَخْرَجَهُ اللَّه لَكُمْ، فَهَلْ (١) مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهِ شَيءٌ فَتُطْعِمُونَا مِنْهُ؟ "، فَأَرْسَلْنَا (٢) إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَكَلَ". [م ١٩٣٥، ن ٤٣٥٤، حم ١/ ٣١٣]
===
لا، بل نحن رسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفي سبيل الله) أي الجهاد، (وقد اضطررتم إليه) وصرتم مضطرين (فكلوا، فأقمنا) أي وقفنا (عليه شهرًا، ونحن ثلثمائة حتى سَمِنَّا، فلما قدمنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكرنا ذلك له، فقال) رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (هو رزق أخرجه الله لكم، فهل معكم من لحمه شيء، فتطعمونا منه؟ فأرسلنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأكل).
ولعل أبا عبيدة بن الجراح ومن كان معه من الصحابة - رضي الله عنهم- قد علموا حرمة الميتة، ولم يعلموا بعد أن ميتة البحر حلال، ولكن وقع اجتهادهم على أنهم مضطرون أباح لهم بسبب الاضطرار.
فإن قلت: لما وقع اجتهادهم على أنهم مضطرون وأباحوه لكونهم مضطرين، فكيف جاز لهم أن يأكلوا منه حتى سمنوا وتزودوا منه حتى كان معهم إلى المدينة؟ .
قلت: لم يبيحوه بسبب أنهم مضطرون فقط، بل لأنهم رسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وبأنهم كانوا في حاجة الله ورسوله، أخرج الله لهم رزقًا، فبهذا الوجه غلب على ظنهم أنه مباح لهم، فأكلوا منها ما شاؤوا، وتزودوا منها ما شاؤوا - والله أعلم -.
ثم لما أكل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من بقية لحمه علم أن ميتة البحر حلال.