لِحَدِيثٍ بَلَغَني أَنَّكَ تُحَدِّثُهُ عَنْ رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، مَا جِئْتُ لِحَاجَةٍ.
قَالَ: فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:"مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ (١) اللَّه بِهِ طَرِيقًا مِنْ طُرُقِ الْجَنّةِ، وإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ (٢) أَجْنِحَتَهَا رِضًا (٣) لِطَالِبِ الْعِلْمِ،
===
ومسافة طويلة الحديث) أي بسبب حديث (بلغني أنك تحدثه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ما جئت لحاجة) أخرى غير هذه الحاجة.
(قال) أبو الدرداء: (فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -)(٤) يحتمل أن يكون هذا الحديث الذي ذكره أبو الدرداء هو المطلوب للرجل، أو غيره، وذكر ذلك تبشيرًا له (يقول: من سلك طريقًا يطلب فيه علمًا) أي من القرآن والسنَّة (سلك الله به طريقًا من طرق الجنة) لأنه سبب دخول الجنة (وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضًا لطالب العلم).
قال الخطابي (٥): يتأوَّل على وجوهٍ، أحدها: أن يكون وضعها الأجنحة بمعنى التواضع والخشوع تعظيمًا لحقه، وتوقيرًا لعلمه، كقوله تعالى:{وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ}(٦)، وقيل: وضع الجناح معناه [الكف] عن الطيران للنزول عنده، كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ما من قوم يذكرون الله تعالى إلا حفت بهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة"، وقيل:[معناه] بسط الجناح، وفرشها لطالب العلم لتحمله عليها، فتبلِّغُه حيث يؤمه ويقصده من البقاع في طلبه، ومعناه: المعونة وتيسير السعي له في طلب العلم.
(١) في نسخة: "سلك به طريق". (٢) في نسخة: "تضع". (٣) في نسخة: "رضًى". (٤) وقد أخرج الترمذي نحو هذه القصة برواية أبي الدرداء أيضًا رقم (٢٦٨٢). (ش). (٥) "معالم السنن" (٤/ ١٨٣). (٦) سورة الإسراء: الآية ٢٤.