أنا معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، عن ثوبان: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أُتي بدابة وهو مع الجنازة فأبى أن يركب، فلما انصرف) أي رجع من دفنها (أتي بدابة فركب، فقيل له) أي سئل عنه: أنك لم تركب في المشي مع الجنازة وركبتَ في الانصراف عنها؟ (فقال: إن الملائكة كانت تمشي، فلم أكن لأرْكَبَ وهم يمشون، فلما ذهبوا ركبتُ).
قال الشوكاني (٢): في حديث ثوبان عند ابن ماجه (٣): "ألا تستحيون؟ ! إن ملائكة الله على أقدامهم"، فيه كراهة الركوب لمن كان متبعًا للجنازة، ويعارضه حديث المغيرة (٤) من إذنه للراكب أن يمشي خلف الجنازة, ويمكن الجمع بأن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الراكب خلفها" لا يدل على عدم الكراهة، وإنما يدل على الجواز، فيكون الركوب جائزًا مع الكراهة، أو بأن إنكاره - صلى الله عليه وسلم - على من ركب، وَتَرْكه للركوب إنما كان لأجل مشي الملائكة, ومشيهم مع الجنازة التي مشى معها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يستلزم مشيهم مع كل جنازة، لإمكان أن يكون ذلك منهم تبركًا به - صلى الله عليه وسلم -، فيكون الركوب على هذا جائزًا غير مكروه.
٣١٧٨ - (حدثنا عبيد الله بن معاذ، نا أبي، حدثنا شعبة،
(١) في نسخة: "يركبها". (٢) "نيل الأوطار" (٣/ ١٩). (٣) "سنن ابن ماجه" (١٤٨٠). (٤) سيأتي عند المصنف برقم (٣١٨٠).