فَأَتَاهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَعُودُهُ، فَقَعَدَ عِنْدَ رَأسِهِ (١)، فَقَالَ لَهُ:"أَسْلِمْ"، فَنَظَرَ إِلَى أَبيهِ وَهُوَ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَقَالَ لَهُ أَبُوهُ (٢): أَطِع أَبَا الْقَاسِمِ، فَأَسْلَمَ، فَقَامَ الَنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يَقُولُ:"الْحَمْدُ للهِ الَّذِي أَنْقَذهُ بِي مِنَ النَّارِ". [خ ٥٦٥٧، حم ٣/ ٢٨٠، ق ٣/ ٣٢٣]
===
وفي رواية البخاري:"كان يخدم النبي - صلى الله عليه وسلم - فمرض".
(فأتاه النبي - صلى الله عليه وسلم - يعوده، فقعد) رسول الله (عند رأسه) أي رأسِ الغلام (فقال له) أي للغلام: (أَسْلِمْ) والظاهر أنه كان عاقلًا (فنظر) أي الغلام (إلى أبيه، وهو عند رأسه) أي كان أبوه عند رأس الغلام (فقال له أبوه: أَطِعْ أبا القاسم) - صلى الله عليه وسلم - (فأسلم، فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول: الحمد لله الذي أنقذه بي) أي بسببي (من النار).
وهذا الحديث يدل على أن إيمان الصبيان معتبر صحيح، ولو لم يسلموا عُذِّبوا. قال الحافظ (٣): وفي الحديث جواز استخدامِ المشرك، وعيادتِه إذا مرض، وفيه حسنُ العهد، واستخدامُ الصغير, وعرضُ الإِسلام على الصبي، ولولا صحته منه ما عرضه عليه، وفي قوله:"أنقذه بي من النار" دلالة على أنه صح إسلامه، وعلى أن الصبي إذا عقل الكفر ومات عليه أنه يُعَذَّب، انتهى.
قلت: ومسألة أطفال المشركين خلافية لاختلاف الأدلة الواردة فيها، ولهذا توقف فيه إمام الأئمة الإِمام الأعظم - رحمه الله تعالى-، وفصَّله الحافظ في "فتح الباري" في "باب أولاد المشركين"(٤).
(١) زاد في نسخة: "فعرض عليه الإسلام". (٢) في نسخة: "أبواه". (٣) "فتح الباري" (٣/ ٢٢١). (٤) انظر: "فتح الباري" (٣/ ٢٤٦ - ٢٥٠).