إلَّا أَنمْتُمُوهُ"، فَنَادَى مُنَادي (١): لَا قُرَيْشَ بَعْدَ الْيَوْمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ دَخَلَ دَارًا (٢) فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ أَلْقَى السِّلَاحَ فَهُوَ آمِنٌ"، وَعَمَدَ (٣) صَنَادِيدُ قُرَيْشٍ فَدَخَلُوا الْكَعْبَةَ فَغَصَّ (٤) بِهِمْ، وَطَافَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - وَصَلَّى خَلْفَ الْمَقَام، ثُمّ أَخَذَ بِجَنبتَي الْبَابِ، فَخَرَجُوا فَبَايَعُوا النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الإسْلَامِ"(٥). [م ١٧٨٠، ق ٩/ ١١٨، قط ٣/ ٥٩، حم ٢/ ٥٣٨]
===
قريش (إلَّا أَنَمْتُمُوه) أي قَتَلْتُمُوه (فنادى منادي: لا قُرَيْشَ بعد اليوم) لأنه - صلى الله عليه وسلم - دخل مكة عنوةً، وأباح قتل من أشرف لهم.
(فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من دخل دارًا) أي دار أبي سفيان (فهو آمن، ومَنْ أَلْقَى السلاح فهو آمن (٦)، وعَمَدَ صناديدُ) أي رؤساء (قريش) وأشرافهم (فدخلوا الكعبة، فَغَصّ بهم) أي امتلأ البيت منهم (وطاف النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -) الكعبة (وصلّى خلف المقام) ركعتين (ثم أخذ بِجَنبَتي الباب) أي عضادتيه (فخرجوا) أي رؤساء قريش (فبايعوا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - على الإِسلام).
قال في "الخميس"(٧): فلما قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طوافه قال: يا معشر قريش، ماذا ترون أني فاعل فيكم؟ قالوا: خيرًا، أخ كريم، وابن أخ كريم، فقال: اذهبوا فأنتم الطلقاء، فأعتقهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد كان الله أمكنه من
(١) في نسخة: "منادٍ". (٢) في نسخة: "دار أبي سفيان". (٣) في نسخة: "فعمد". (٤) في نسخة: "فغضب". (٥) زاد في نسخة: "قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبلَ يسأله رجل قال: مكةُ فتح عنوة؟ قال: أيش يَضُرك ما كانت؟ قال: فصلُح؟ قال: لا". [قلت: هذا من أدب الإِمام أحمد لم يرض أن يقال: فتحت مكة بالسيف]. (٦) وتقدَّم بيان من هدر النبي - صلى الله عليه وسلم - دماءهم في الجهاد "باب قتل الأسير ولا يعرض عليه الإِسلام". (ش). (٧) "تاريخ الخميس" (٢/ ٨٤ - ٨٥).