وقد اختلفت الرواية عن ابن المنكدر عن جابر، فروى سفيان بن عيينة، عن ابن المنكدر، عن جابر، وفيها:"حتى نزلت آية الميراث: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} إلى آخر السورة، قال ابن المنكدر: قال جابر: إنما أنزلت هذه الآية فيَّ".
وقد أخرج ابن جرير من طريق ابن جريج قال: ثني محمد بن المنكدر عن جابر، وفيه:"فقلت: يا رسول الله، وكيف أصنع في مالي؟ فنزلت:{يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ}(١) الآية"، وكذلك الحديث الآتي عن أبي الزبير عن جابر يدل على أن قوله تعالى:{يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} هي المراد من قوله: "فنزلت آية الميراث" في حديث جابر، لكن أشار البخاري في "صحيحه" بأن المراد ما وقع في حديث جابر من قوله: "حتى نزلت آية الميراث" هو قوله: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ}.
وقد أخرج الترمذي (٢) من طريق يحيى بن آدم عن ابن عيينة: حتى نزلت: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ}.
قال الحافظ (٣): وقد أشكل ذلك قديمًا، قال ابن العربي بعد أن ذكر الروايتين في إحداهما فنزلت "يستفتونك"، وفي أخرى آية المواريث: هذا تعارض، لم يتفق بيانه إلى الآن، ثم أشار إلى ترجيح آية المواريث، وتوهيم (٤) يستفتونك.
والأظهر أن يقال: إن كلًّا من الآيتين لما كان فيها ذكر الكلالة نزلت في
(١) سورة النساء: الآية ١١. (٢) "سنن الترمذي" (٣٠١٥). (٣) وقد ذكره الحافظ في كتاب الفرائض، وبسطه في التفسير. [انظر: "فتح الباري" (١٢/ ٤، ٨/ ٢٤٣)]. (ش). (٤) في الأصل: "توهين"، وهو تحريف، والتصويب من "الفتح" (١٢/ ٤).