(فجاء رجل بعد ذلك) أي بعد التخميس والتقسيم (بزمام من شعر، فقال: يا رسول الله، هذا فيما كنا أصبناه من الغنيمة، فقال) أي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أسمعت بلالًا ينادي ثلاثًا؟ قال: نعم، قال: فما منعك أن تجيء به) أي: بالزمام (فاعتذر إليه) أي: اعتذر ذلك الرجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - للتأخير عذرًا غير مسموع.
(فقال) رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (كن أنت تجيء به يوم القيامة) على ما قال الله تعالى في كتابه: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}(٢)(فلن أقبله عنك)، وهذا أيضًا من باب التغليظ والتشديد في باب الغلول، وقد اتفقت الأمة على أن الغلول كبيرة وحرام سواء قلَّ أو كثر.
فإن قلت: لما لم يقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك الزمام ورده عليه، فماذا يفعل الغال بذلك إذا تاب وندم؟ .
قلت: قال الشوكاني (٣): قال الثوري والأوزاعي والليث ومالك: يدفع إلى الإِمام خمسه، ويتصدق بالباقي، وكان الشافعي لا يرى ذلك ويقول: إن كان ملكه فليس عليه أن يتصدق به، وإن كان لم يملكه فليس له التصدق بمال غيره، قال: والواجب أن يدفع إلى الإِمام كالأموال الضائعة (٤).
= واستدل له النووي بما سيأتي في باب في النفل من قوله تعالى: {قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} [الأنفال: ١]، ثم تسخ بقوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ ... } الآية [الأنفال: ٤١]. [انظر: "شرح صحيح مسلم" (٦/ ٢٩٩)]. (ش). (١) في نسخة: "نادى". (٢) سورة آل عمران: الآية ١٦١. (٣) "نيل الأوطار" (٥/ ٦١). (٤) قال الموفق: إذا تاب قبل القسمة ردَّ ما أخذه في المقسم بلا خلاف، وإن تاب بعده =