أي: بالسيف (فقلت: يا عدو الله! يا أبا جهل! قد أخزى الله) أي: أذل (الأَخِر) بفتح الهمزة وكسر الخاء، أي: الأبعد للتأخر عن الخير.
(قال) أي ابن مسعود: (ولا أهابه) أي: أبا جهل (عند ذلك) أي في ذلك الوقت لأنه كان صريعًا (فقال) أبو جهل: (أبعد (٢) من رجل قتله قومه؟ ) بتقدير الاستفهام، نقل في الحاشية عن الخطابي (٣): هكذا رواه أبو داود وهو غلط، وإنما الصحيح: "هو أعمد من رجل" بالميم بعد العين، وهي كلمة للعرب معناها كأنه يقول: هل زاد على رجل قتله قومه، يهوِّن على نفسه ما حل به من الهلاك.
وقال في "النهاية" (٤): كذا جاء في أبي داود: "أبعد"، ومعناها: أنهى وأبلغ؛ لأن الشيء المتناهي في نوعه يقال: قد أبعد فيه، وهذا أمر بعيد، أي: لا يقطع مثله لعظمته، والمعنى أنك استعظمت شأني واستبعدت قتلي، فهل هو أبعد من رجل قتله قومه، والروايات الصحيحة: "أعمد" بالميم بمعنى أعجب، أي: أعجب من رجل قتله قومه، تقول: أنا أعمد من كذا، أي: أعجب منه.
(فضربته بسيف غير طائل، فلم يغن) أي: لم ينفع (شيئًا حتى سقط سيفه) أي: أبي جهل (من يده، فضربته به) أي: بسيف أبي جهل (حتى برد) أي مات، وفيه الدلالة على الترجمة، فإن ابن مسعود استعمل في قتله سيف أبي جهل.
(١) في نسخة: "أعمد". (٢) ولفظ مسلم: "هل فوق"، والظاهر عندي لا تحريف في أبي داود، فإن لفظ "أبعد" بمعنى "فوق" [انظر: "صحيح مسلم" (١٨٠٠)]. (ش). (٣) "معالم السنن" (٢/ ٢٩٩). (٤) "النهاية" (١/ ١٤٠).