فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "قَدْ شَهِدَ بَدْرًا، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ". [خ ٤٢٧٤، م ٢٤٩٤، ت ٣٣٠٥، حم ١/ ٧٩، ق ٩/ ١٤٦]
===
بذلك، فلذلك استأذن في قتله، وأطلق عليه منافقًا، لكونه أبطن خلاف ما أظهر، وعذر حاطب ما ذكره، فإنه صنع ذلك متأوّلًا أن لا ضرر فيه.
قلت: وأجاب عنه الحلبي في "السيرة"(١): ويشكل قول عمر المذكور ودعاؤه عليه بقوله: قاتلك الله، إلَّا أن يقال: يجوز أن يكون قول عمر بذلك قبل قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما ذكر، فوقع التقديم والتأخير في الكلام من الرواة.
(فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) في جواب عمر - رضي الله عنه -: (قد شهد بدرًا، وما يدريك) أي: أي شيء يعلمك أنه مستحق للقتل، أو يقال: معناه الإنكار لما بعد هذه الكلمة، أي: لا تدري أنت أن الله تعالى اطَّلَع على أهل بدر، فقال:{اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ}(لعل الله) ولفظ لعل وإن كان للترجي، ولكن قال العلماء: إن الترجي في كلام الله وكلام رسوله للوقوع، قاله الحافظ (٢)(اطلع (٣) على أهل بدر) بأنهم مَغْفُورٌ لهم، أو بأنهم لا يفعلون ما لا يغفر لهم (فقال) أي الله تعالى لهم: (اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ).
قال الحافظ (٤): وقد استشكل قوله: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ}، فإن ظاهره أنه للإباحة، وهو خلاف عقد الشرع، وأجيب بأنه إخبار عن الماضي، أي: كل عمل كان لكم فهو مغفور، ويؤيده أنه لو كان لما يستقبلونه من العمل لم يقع بلفظ الماضي ولقال: فسأغفره لكم، وتعقب بأنه لو كان للماضي لما حسن
(١) "السيرة الحلبية" (٣/ ١٢). (٢) "فتح الباري" (٧/ ٣٠٥). (٣) وفي "إزالة الخفاء" (١/ ٤٢٦): قوله في فضل أهل بدر: "اعملوا ما شئتم" ورد من مسند عمر، وعلي، وابن عباس، وابن عمر، وأبي هريرة - رضي الله عنهم-. (ش). (٤) "فتح الباري" (٧/ ٣٠٥ - ٣٠٦).