(فقال) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (لها: أكنتِ تقضين) أي بهذا الصوم (شيئًا؟ ) أي من الواجبات عليك (قالت) أي أم هانئ: (لا، قال) أي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (فلا يضرك)(١) أي الإفطار (إن كان) أي صومك (تطوعًا)، ولا دلالة فيه على وجوب القضاء وعدمه، وإنما وجب القضاء بدليل آخر وقد تقدم.
قال الترمذي (٢): حديث أم هانئ في إسناده مقال (٣)، والعمل عليه عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيرهم، أن الصائم المتطوع إذا أفطر فلا قضاء (٤) عليه إلا أن يحِبَّ أن يقضيَه، وهو قول سفيان الثوري وأحمد وإسحاق والشافعي.
وقال الذهبي: في إسناده يزيد بن أبي زياد وهو صدوق، رديء الحفظ، وقد غلط سماك في هذا الحديث، فقال في بعض الروايات: إن ذلك كان يوم الفتح، ويوم الفتح كان في رمضان، فكيف يتصور أن تكون صائمة قضاءً أو تطوعًا؟
قلت: وهذا الاستدلال في توهين الحديث فاسد، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج في فتح مكة من المدينة لعاشر رمضان، وكان الفتح لعشرين من رمضان، وأقام بمكة خمسة عشر ليلة بعد الفتح، ثم خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى حنين لعاشر شوال.
(١) وفي "التقرير": أن المنفي الإثم دون القضاء، كما تدل عليه الرواية الآتية، انتهى. ومناسبة الحديث بالترجمة خفية. (ش). (٢) "سنن الترمذي" (٣/ ١١٠). (٣) وقال المنذري: لا يثبت، وفي إسناده اختلاف كثير، أشار إليه النسائي، كذا في "المرقاة" (٤/ ٥٧٥). (ش). (٤) قلت: والعجب أَنَّهم قالوا بأن الصائم المتطوع إذا أفسد صومه لا قضاء عليه، والحاج المتطوع إذا أفسده فعليه القضاء، فإنه حكى القاري في "شرح اللباب" الإجماع على قضائه. (ش).