كما يدل عليه ما أخرجه السيوطي في "الدر المنثور" (٢): أخرج عبد بن حميد عن ابن سيرين قال: كان ابن عباس يخطب فقرأ هذه الآية: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ}، قال: قد نسخت هذه الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم والنحاس في "ناسخه" وابن مردويه عن ابن عباس، قال: نزلت هذه الآية: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ}، فكان من شاء صام، ومن شاء أفطر وأطعم مسكينًا، ثم نزلت هذه الآية:{فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}، فنسخت الأولى إلا الفاني إن شاء أطعم عن كل يوم مسكينًا وأفطر، ثم قال: ولكن كانت، أي: بقيت رخصة للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة وهما يطيقان الصيام.
هكذا في جميع النسخ بدون ذكر "لا" النافية، وهو مخالف لسائر روايات ابن عباس - رضي الله تعالى عنه -، فإن الشيخ السيوطي أخرج عن سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وأبي داود، وابن جرير، وابن المنذر، وابن حاتم، والبيهقي في "سننه" عن ابن عباس في الآية قال: كانت مرخصة للشيخ الكبير والعجوز وهما يطيقان الصوم، أن يُفطرا ويطعما مكان كل يودا مسكينًا، ثم نسخت بعد ذلك، فقال الله تعالى:{فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}، وأثبت للشيخ الكبير والعجوز الكبيرة إذا كانا لا يطيقان الصوم أن يفطرا ويطعما، وللحبلى والمرضع إذا خافتا أفطرتا وأطعمتا مكان كل يوم مسكينًا، فإما أن يقال: وهما يطيقان الصوم أي بالجهد والكلفة، أو يقال: إن حرف "لا" سقطت من الناسخ، أو مقدرة كما قيل في الآية.
(والحبلى والمرضع إذا خافتا، قال أبو داود: يعني على أولادهما)، الغرض من هذا الكلام بيان الفرق بين الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة،