(فقال) الله سبحانه وتعالى: ({فَمَنْ تَطَوَّعَ}) أي زاد بطريق التطوع من طعام المسكين الواحد ({خَيْرٌ}) أي طعامًا زائدًا على طعام المسكين الواحد، فأعطى مسكينين أو مساكين فهو خير له، أي الواجب أن يطعم مسكينًا واحدًا، فأما إن أطعم مسكينين أو مساكين تطوعًا (فهو خير له {وَأَنْ تَصُومُوا}) أي صيامكم ({خَيْرٌ لَكُمْ}) من الفدية، فإن الله تعالى يقول: "الصوم لي وأنا أجزي به، وللصائم فرحتان" (٢) الحديث، (وقال) الله تعالى: ({فَمَنْ شَهِدَ})(٣) أي حضر ({مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}).
حاصل ذكر ابن عباس بذكر الآيتين: أن الآية الأولى وهي قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} الآية، تشتمل على حكمين بأن من تكلف الصوم ويتحمله بالكلفة، يجوز له أن يفتدي ويطعم مسكينًا، فخُيِّروا بين الصوم والافتداء، ثم رغبهم في الصوم بقوله:{وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ}، وهذان الحكمان للشيخ الكبير، والمرأة الكبيرة، وكذا الآية الثانية وهي قوله تعالى:{فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} تشتمل على حكمين: أحدهما: وجوب الصوم على من شهد الشهر من الرجال والنساء غير الكبيرين، والثاني: حكم من كان مريضًا يضره الصوم، أو مسافرًا، فلهم رخصة أن يفطروا ويقضوا في أيام أخر.
وأما الحامل والمرضع إذا خافتا الضرر بولدهما فمرخص في الإفطار لقوله تعالى:{فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}،
(١) سورة البقرة: الآية ١٨٥. (٢) أخرجه البخاري (١٩٠٤)، ومسلم (١١٥١)، والنسائي (٢٢١١)، وابن ماجه (٣٨٢٣). (٣) قال ابن رسلان: اختلفوا في تفسيره، فقالت عائشة وعلي وعباس وسويد بن غفلة: إن من شهد أول الشهر يجب عليه الصوم، سافر بعده أو لا، ومن كان أول الشهر =