وهذا الحديث يخالف ما أخرجه البخاري (١) من القصة، بأن عروة ابن الزبير سأل ابن عمر:"كم اعتمر النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: أربعًا، إحداهن في رجب"، فخاطب عائشة وقال:"يا أُمَّاه! ألا تسمعين ما يقول أبو عبد الرحمن؟ قالت: ما يقول؟ قال: يقول: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اعتمر أربع عمرات؛ إحداهن في رجب، قالت: يرحم الله أبا عبد الرحمن، ما اعتمر عمرة إلَّا وهو شاهد، وما اعتمر في رجب قط".
وكذا يخالف حديث أنس عند مسلم قال:"اعتمر أربع عمر كلهن (٢) في ذي القعدة إلَّا التي اعتمر مع حجته: عمرته من الحديبية، ومن العام المقبل، ومن الجعرانة حيث قسم غنائم حنين".
ويخالف حديث عائشة عند ابن ماجه (٣)، قالت:"لم يعتمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمرة إلَّا في ذي القعدة".
فالجواب عنه أن ذكرت العمرتين لأنها تركت عمرة الحديبية؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أُحْصِرَ عنها، وكذا العمرة التي كانت مع الحج، فاكتفت على العمرتين المنفردتين المستقلتين.
وأما قولها:"فعمرة في شوال"، فقد أجاب عنه ابن القيم في "الهدي"(٤)، فقال: وقد روى أبو داود في "سننه" عن عائشة: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اعتمر في شوال"، وهذا إن كان محفوظًا فلعله في عمرة الجعرانة (٥)
(١) "صحيح البخاري" (١٧٧٥، ١٧٧٦). (٢) سقط في الأصل لفظ: "كلهن". (٣) "سنن ابن ماجه" (٢٩٩٧). (٤) "زاد المعاد" (٢/ ٩٤). (٥) قلت: وحكى العيني (٧/ ٤٠٦) أن بعضهم حمل عمرة في شوال على عمرة الحديبية، والجمهور على أنه عمرة الجعرانة، كما في "الأوجز" (٦/ ٥٨٨). (ش).