(قال) ابن عباس: (قد صدقوا) في قولهم: (قد رمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكذبوا) في قولهم: "إن ذلك سنَّة"؛ فإنه (ليس (٢) بسنَّة) لأنه لم يفعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تشريعًا له، بل وجهه (إن قريشًا قالت زمن الحديبية: دعوا محمدًا وأصحابه حتى يموتوا موت النفف) أي موت الإبل والغنم بالنغف، وهو بنون وغين معجمتين: دود يكون في أنوف الإبل والغنم، فتموت في أدنى ساعة، الواحدة نغفة.
(فلما صالحوه) أي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (على أن يجيئوا) أي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه (من العام المقبل فيقيموا بمكة ثلاثة أيام؛ فقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي في العام المقبل ودخل مكة (والمشركون من قِبَلِ قُعَيْقِعَان) بضم قاف أولى، وكسر الثانية، وفتح مهملتين، وسكون تحتية بلفظ التصغير: اسم جبل بمكة مقابل أبي قبيس، إنما سمي به لأن قطوراء وجرهمًا لما تحاربوا كثرت قعقعة السلاح هناك، وقيل: سمي الجبل الذي بمكة قعيقعان, لأن جُرهمًا كانت تجعل فيه قسيَّها وجعابها ودرقها، فكانت تقعقع فيه.
(فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه: ارملوا بالبيت ثلاثًا) أي في ثلاثة أشواط (وليس بسنَّة)، قلت: وهذا رأي من ابن عباس - رضي الله عنه -، ولو كان كذلك لما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرمل في حجة الوداع، فهو سنَّة عند الفقهاء - رحمهم الله تعالى -.
(١) في نسخة: "أن يحجوا". (٢) وأوَّله الأُبِيّ في "الإكمال" (٣/ ٣٨٣)، ليس بسنَّة بل مستحب. (ش).