قال الحافظ في "الفتح" (١): واختلف العلماء في غير العقور مما لم يؤمر باقتنائه، فصرح بتحريم قتلِه القاضيان: الحسين، والماوردي، وغيرهما، ووقع في "الأم" للشافعي الجواز، واختلف كلام النووي، فقال في البيع من "شرح المهذب": لا خلاف بين أصحابنا في أنه محترم، لا يجوز قتله، وقال في التيمم والغصب: إنه غير محترم، وقال في الحج: يكره قتله كراهة تنزيه، وهذا اختلاف شديد.
١٨٤٨ - (حدثنا أحمد بن حنبل، نا هشيم، أنا يزيد بن أبي زياد، نا عبد الرحمن بن أبي نعم البجلي، عن أبي سعيد الخدري: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل) والسائل غير معلوم (عما يقتل المحرمُ) من الدواب البرية؟ (قال: الحية، والعقرب، والفُوَيْسِقَة).
والمراد بالفويسقة ها هنا: الفأرة، والتصغير للتحقير، وأصل الفسق لغة: الخروجُ، ومنه: فسقت الرطبة إذا خرجت عن قشرها، وقوله تعالى:{فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ}(٢)، أي: خرج، وسمي الرجل فاسقًا لخروجه عن طاعة ربه، وأما المعنى في وصف الدواب المذكورة في الفسق، فقيل لخروجها عن حكم غيرها من الحيوان (٣) في تحريم قتله، وقيل: في حل أكله، وقيل: لخروجها عن حكم غيرها بالإيذاء والإفساد وعدم الانتفاع، ووقع عند البخاري (٤) في رواية عائشة: "خمس من الدواب كلهن فاسق".
(١) "فتح الباري" (٤/ ٤٠). (٢) سورة الكهف: الآية ٥٠. (٣) ولا تأثير للإحرام والحرم في تحريم شيء من الحيوان الأهلي، وليس فيه اختلاف، كذا في "المغني" (٥/ ١٧٨)، وبسط الاختلاف في صيد البحر. (ش). (٤) "صحيح البخاري" (١٨٢٩).