يقول: لبيك ذا المعارج، فقال: إنه لذو المعارج، وما هكذا كنا نلبي على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال: فهذا سعد قد كره الزيادة في التلبية، وبه نأخذ، انتهى (١).
ويدل على الجواز ما وقع عند النسائي عن ابن مسعود قال:"كان من تلبية النبي - صلى الله عليه وسلم -" فذكره، ففيه دلالة على أنه قد كان يلبي بغير ذلك، وما تقدم عن عمر، وابن عمر، وفي حديث جابر الطويل في صفة الحج:"فأهل بالتوحيد، لبيك اللهُمَّ لبيك ... إلخ"، قال:"وأهلَّ الناس بهذا الذي يهلون به، فلم يرد عليهم شيئًا منه، ولزم تلبيته"، وأخرجه أبو داود، "قال: والناس يزيدون ذا المعارج ونحوه من الكلام، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يسمع فلا يقول لهم شيئًا".
وهذا يدل على أن الاقتصار على التلبية المرفوعة أفضل لمداومته - صلى الله عليه وسلم - عليها، وأنه لا بأس بالزيادة لكونه لم يردَّها عليهم وأقرَّهم عليها، وهو قول الجمهور، وحكى ابن عبد البر عن مالك الكراهة، وهو أحد قولي الشافعي.
وقال الشيخ أبو حامد: حكى أهل العراق عن الشافعي في القديم أنه كره الزيادة على المرفوع، وغلطوا، بل لا يكره ولا يستحب، وحكى الترمذي عن الشافعي قال: فإن زاد على التلبية شيئًا من تعظيم الله فلا بأس به، وأحبّ إليَّ أن يقتصر على تلبية رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
ونسب البيهقي الخلاف بين أبي حنيفة والشافعي، فقال: الاقتصار على المرفوع أحبُّ، ولا ضيق أن يزيد عليها، قال: وقال أبو حنيفة: إن زاد فحسن، انتهى ملخصًا ما قاله الحافظ في "الفتح".
قال في "لباب المناسك" وشرحه (٢): فإن زاد عليها بعد فراغها لا في خلالها فحسن، بل مستحب بأن يقول: لبيك وسعديك، والخير كله بيديك،
(١) وهو قول أبي يوسف، وهو مختار الطحاوي أي الكراهة، وحكي عن مالك أيضًا، والجمهور على عدم الكراهة، كما في "الأوجز" (٦/ ٤٧٢). (ش). (٢) "شرح القاري على اللباب" (ص ١٠٢).