بيده، في غير قصة حجة الوداع فلا إشكال فيه، وإن كان ما في حديث علي من القصة متحدًا مع القصة التي في حديث جابر، ففيه إشكال.
والجواب عنه إما أن يقال: إن حديث جابر هو الصحيح، وأما حديث علي هذا فمعلول؛ لأنه عنعن فيه محمد بن إسحاق، وهو مدلس، أو يقال: إن التنصيص بالعدد لا ينفي الزيادة.
وأما الجملة الثانية وهي قوله:"فنحرت سائرها"، معناها: نحرت باقيها بعد نحر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وليس المراد من سائرها بعد الثلاثين، أو يُؤَوَّل بما أول به في الحاشية: بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نحر ثلاثين بدنة من غير استعانة بالغير، ونحر ثلاثًا وثلاثين باستعانة علي - رضي الله عنه -، ونحر عليٌّ بعدها ما بقي منها، والله تعالى أعلم.
وأورد البخاري (١) هذا الحديث من طريق سفيان قال: أخبرني ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن علي - رضي الله عنه - قال:"بعثني النبي - صلى الله عليه وسلم - فقمت على البدن، فأمرني عليه الصلاة والسلام فقسمت لحومها، ثم أمرني فقسمت جلالها وجلودها".
قال الحافظ (٢): ولم يقع في هذه الرواية عدد البدن، لكن وقع في الرواية الثالثة أنها مائة بدنة، ولأبي داود من طريق ابن إسحاق، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"نحر النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاثين بدنة، وأمرني فنحرت سائرها"، وأصح منه ما وقع عند مسلم في حديث جابر الطويل فإن فيه:"ثم انصرف النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المنحر، فنحر ثلاثًا وستين بدنة، ثم أعطى عليًّا فنحر ما غير، وأشركه في هديه"، فعرف بذلك أن البدن كانت مائة بدنة، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحر منها ثلاثًا وستين، ونحر عليٌّ الباقي.