التي هي من فرائض الله المؤكدة، وقيل: بدعوى أنه غني وقد احتبس من رهن أسلحته المحتاج إليها في سبيل الله، أو لأجل مرضاة الله، ففي تعليلية.
(وأما العباس عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهي) أي صدقة العباس للسنة الذاهبة (علي، ومثلها) معها أي مثل تلك الصدقة في كونها فريضة عام آخر لا في السنين والقدر، قيل: أخر عنه زكاة عامين لحاجة بالعباس، وتكفل بها عنه.
ويعضده ما في "جامع الأصول"(١): أنه عليه الصلاة والسلام أوجبها عليه، وضمَّنَها إياه ولم يقبضها، وكان دينًا على العباس لأنه رأى به حاجة. وقيل: تأويله أنه عليه الصلاة والسلام أخذ منه زكاة سنتين تقديمًا عام شكا العامل.
ويؤيده ما روي أنه عليه السلام قال (٢): "إنا تسلَّفنا من العباس صدقة عامين"(٣). وروي:"إنا تعجلنا"، والجمع بين الروايتين بالحمل على وقوع القضيتين، وفي رواية البخاري:"فهي عليه صدقة ومثلها معها"، فالمعنى فهي صدقة ثابتة عليه سيصدق بها، ويضيف إليها مثلها كرمًا.
(ثم قال: أما شعرت) بفتح العين والهمزة استفهامية، أي: أما علمت (أن عم الرجل صنو الأب، أو صنو أبيه) بكسر الصاد وسكون النون، أي مثله ونظيره، إذ يقال لنخلتين نبتتا من أصل واحد: صنوان، ولأحدهما صنو، والمعنى: أما تنبهت أنه عمي وأبي فكيف تتهمه بما ينافي حاله؟ ! لعل له عذرًا وأنت تلومه، وقيل: المعنى: لا تؤذه رعاية لجانبي، ومناسبة الحديث بالباب في قوله:"فهي علي ومثلها"، بأنه - صلى الله عليه وسلم - أخذها منه معجلًا، فثبت بذلك تعجيل الزكاة.
(١) انظر: "جامع الأصول" (٤/ ٥٧٢). (٢) انظر: "سنن الترمذي" (٦٧٩). (٣) ولما لم يجوزه الشافعية أولوها كما في "شرح الإحياء". (انظر: "إتحاف السادة المتقين" ٤/ ١٤٥). (ش).