المذكورة بهذا الذي ذكره، حتى يشنع عليهم هذا التشنيع، بل أجابوا بأجوبة غير هذا.
الأول: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنصت له حتى فرغ من صلاته، والدليل عليه ما رواه الدارقطني في "سننه"(١) من حديث عبيد بن محمد بسنده عن أنس وفيه: "وأنصت عن الخطبة حتى فرغ من صلاته"، فإن قلت: قال الدارقطني: أسنده عبيد بن محمد ووهم فيه؟ قلت: ثم أخرجه عن أحمد بن حنبل، وفيه قال:"قم فصل، ثم انتظره، حتى صلَّى"، قال: وهذا المرسل هو الصواب، قلت: المرسل حجة عندنا، ويؤيد هذا ما أخرجه ابن أبي شيبة (٢) بسنده عن محمد بن قيس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث أمره أن يصلي ركعتين، أمسك عن الخطبة، حتى فرغ من ركعتيه، ثم عاد إلى خطبته.
الجواب الثاني: أن ذلك كان قبل شروعه - صلى الله عليه وسلم - في الخطبة، وقد بوب النسائي في "سننه الكبرى"(٣) على حديث سليك، قال:"باب الصلاة قبل الخطبة" ثم أخرج عن أبي الزبير عن جابر قال: جاء سليك الغطفاني، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاعد على المنبر، فقعد سليك قبل أن يصلي، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أركعت ركعتين؟ قال: لا، قال: قم فاركعهما.
الثالث: أن ذلك كان منه قبل أن ينسخ الكلام في الصلاة، ثم لما نسخ في الصلاة نسخ في الخطبة, لأنها شرط الصلاة أو شطرها.
وقال الطحاوي (٤): ولقد تواترت الروايات عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأن من قال لصاحبه: أنصت والإمام يخطب يوم الجمعة، فقد لغا، فإذا كان قول الرجل