قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وإِذَا تَنَازَعَ الْخَبَرَانِ عَنْ النبي (١) -صلى الله عليه وسلم- نُظِرَ إِلَى مَا عَمِلَ بِهِ أَصْحَابُهُ مِنْ بَعْدِهِ.
===
(قال أبو داود: وإذا تنازع الخبران عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نظر إلى ما عمل به أصحابه) أي أصحاب رسول الله (من بعده)، وفي هذا القول إشارة إلى ما ذهب إليه المصنف من عدم قطع الصلاة بمرور شيء.
وحاصله: أنه تعارضت الأحاديث في هذه المسألة، فورد في بعضها قطع الصلاة بمرور بعض الأشياء، وفي بعضها عدم القطع بمرور بعضها، وفي بعضها بعدم القطع بمرور شيء.
فقال المصنف: لما تنازعت الأحاديث ينظر إلى ما عمل به أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من بعده، ولما نظرنا في ذلك رأينا أن ابن عباس -رضي الله تعالى عنه -، وهو الذي روى حديث القطع، أفتى بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعدم القطع بمرور الحمار والكلب والمرأة، كما في الروايات المتقدمة.
قال البيهقي (٢): روى سماك عن عكرمة قيل لابن عباس: أتقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب؟ فقال:{إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}(٣)، فما يقطع هذا ولكن يكره.
وكذلك عائشة -رضي الله عنها - روي عنها قطع الصلاة بمرور المرأة، وإنها أيضًا أفتت بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعدم قطعها، وردَّت على من قال بقطع الصلاة بمرور المرأة أقبح رد.
وكذلك ما روي عن ابن عمر أنه أفتى بعدم القطع، حدثنا يونس قال: ثنا سفيان، عن الزهري، عن سالم قال: قيل لابن عمر: إن عبد الله بن عياش بن ربيعة يقول: يقطع الصلاة الكلب والحمار، فقال ابن عمر: لا يقطع صلاة المؤمن شيء.
(١) في نسخة: "رسول الله". (٢) "السنن الكبرى" (٢/ ٣٧٩). (٣) سورة فاطر: الآية ١٠.