قلت: التكبير هو التعظيم من حيث اللغة، كما في قوله تعالى:{فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ}(١) أي عظمنه {وَرَبَّكَ فَكَبِّر}(٢) أي فعظم، فكل لفظ دل على التعظيم وجب أن يجوز الشروع به، ومن أين قالوا: إن التكبير وجب بعينه حتى يقتصر على لفظ: أكبر؟ والأصل في خطاب الشرع أن يكون نصوصه معلومة معقولة، والتقييد خلاف الأصل، وقال تعالى:{وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى}(٣)، وذكر اسمه تعالى أعم من أن يكون باسم الله أو باسم الرحمن، فجاز الرحمن أعظم كما جاز الله أكبر, لأنهما في كونهما ذكرًا سواء، قال الله تعالى:{وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}(٤)، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلَّا الله"، فمن قال: لا إله إلَّا الرحمن أو العزيز كان مسلمًا، فإذا جاز ذلك في الإيمان الذي هو أصل، ففي فروعه أولى، انتهى ملخصًا بقدر الحاجة.
(وتحليلها التسليم) قال العيني (٥): اختلف العلماء في هذا، فقال مالك والشافعي وأحمد وأصحابهم: إذا انصرف المصلي من صلاته بغير لفظ التسليم فصلاته باطلة، حتى قال النووي: ولو أخلَّ بحرف من حروف: السلام عليكم، لم تصح صلاته، واحتجوا على ذلك بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "تحليلها التسليم"، رواه أبو داود وأخرجه [الترمذي] وابن ماجه أيضًا، وأخرجه الحاكم في "مستدركه" (٦)، وقال: صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه.
(١) سورة يوسف: الآية ٣١. (٢) سورة المدثر: الآية ٣. (٣) سورة الأعلى: الآية ١٥. (٤) سورة الأعراف: الآية ١٨٠. (٥) "عمدة القاري" (٤/ ٥٩٧). (٦) (١/ ١٣٢).