الخيمة (١) ، فقال: ما هذه الشاةُ يا أم معبدٍ؟ فقالت: خلَّفَها الجهد عن الغنم. فقال: هل بها من لبنٍ؟ قالت: هي أجهدُ من ذلك. قال: أتأذنين لنا أن أَحْلُبها؟ قالت: بأبي أنت وأمي إن رأيت بها حلباً فاحلُبها، فدعا بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسمى الله تعالى، ومسح ضرعها [ودعا لها في شاتها] فتفاجَّت (٢) عليه، ودرَّت، واجترتُ، ودعا بإناءٍ يُربضُ الرهط (٣) ، فحلب فيه ثجاً حتى علاهُ (٤) البهاء ثم سقاها حتى رويتْ، وسقا أصحابهُ حتى روُوا، ثم شرب آخرهم، ثم حلب [فيه] ثانياً حتى ملأ الإناءَ، وغادرهُ عندها، ثم بايعها وارتحلوا عنها، فلم يلبث أن قدم زوجها يسوقُ أَعْنُزاً عجافاً [يتساوكن هزالاً](٥) ، فلما رأى عندها اللبن عجب منهُ، وقال: من أين هذا اللبن؟ والشاةُ عازبٌ حيال (٦) ، ولا حلوبة في البيت؟ قالت: لا والله [إلا] أنهُ مر بنا رجلٌ [مباركٌ شأنه كذا وكذا، قال: صفيهِ لي يا أم معبدٍ، قالت: رأيتُ رجلاً ظاهر الوضاءة، أبلج الوجه (٧)
حسن الخُلق لم تعبهُ ثجلة، ولم تُزْرِيه صعلة (٨) ، وسيمٌ قسيمٌ، في عينيه
(١) كسر الخيمة: بفتح الكاف وكسرها جانب الخيمة. ولكل بيت كسران عن يمين وشمال. النهاية: ٤/١٩. (٢) تفاجت عليه: فتحت مابين رجليها للحلب. النهاية: ٣/١٨٤. (٣) يربض الرهط: يرويهم ويثقلهم حتى يناموا ويمتدوا على الأرض، ومن ربض بالمكان يربض إذا لصق به وأقام ملازما له. النهاية: ٢/٥٨. (٤) بهاء اللبن: يريق رغوته. (٥) يتساوكن هزالاً: يقال: تساوكت الإبل إذا اضطربت أعناقها من الهزال أراد أنها تتمايل من ضعفها، ويقال أيضاً: جاءت الإبل ما تساوك هزالاً: أي ما تحرك رؤوسها. النهاية: ٢/١٩٤. (٦) الحيال: جمع حائل وهي التي لم تحمل. (٧) أبلج الوجه: مشرق الوجه مسفرة. النهاية: ١/٩٢.. (٨) الثجلة: ضخم البطن والصعلة: صغر الرأس وهي أيضاً الدقة والتحول في البدن، النهاية: ١/١٢٥، ٢/٢٦٤.