اختلف العلماء ﵏ في جملة من المسائل في باب الأشربة من جهة أصل حكمها ومن جهة إقامة الحد فيها، ومن رؤوس هذه المسائل: حقيقة الخمر المحرم، وحكم شرب الخمر حال العطش، وحكم الحد في شرب قليل السَّكر والفضيخ ونقيع الزبيب إذا لم يسكر (١).
[الفرع الأول: حقيقة الخمر المحرم.]
تحرير محل النزاع:
تقدم أن العلماء مجمعون على أصل تحريم الخمر، وتقدم أنه لا خلاف بينهم أنَّ عصير العنب إذا غلى واشتد وقذف بالزبد أنه من الخمر، ولكن وقع النزاع بينهم وطال في غير ذلك.
الأقوال، وأشهر أدلَّة الموسع في المسألة:
القول الأول: الخمر هي النِّيء من ماء العنب إذا غلى واشتد بشرط أن يقذف بالزبد، وهو مذهب الحنفيَّة (٢).
القول الثاني: الخمر هي النِّيء من ماء العنب إذا غلى واشتد وإن لم يقذف بالزبد،
(١) انظر: التجريد للقدوري (١٢/ ٦٠٧٩، ٦٠٨٩، ٦١١٨)، الإشراف على نكت مسائل الخلاف (٢/ ٩٢٥، ٩٢٧)، الخلافيات للبيهقي (٧/ ١٣٧)، رؤوس المسائل لأبي المواهب العكبري (٥/ ٦٨٠، ٦٩٢). (٢) انظر: الاختيار لتعليل المختار (٤/ ٩٩)، البناية شرح الهداية (١٢/ ٣٤٤)، الدر المختار وتكملة حاشية ابن عابدين (٦/ ٤٤٨). وأنبه إلى أن أبا يوسف ومحمد بن الحسن -رحمهما الله- لم يشترطا (القذف بالزبد) ورجَّح هذا بعض علماء الحنفيَّة.