[الفرع الأول: القطع في سرقة ما يتسارع إليه الفساد.]
تحرير محل النزاع:
أجمع العلماء -كما تقدم- على أصل حد القطع في السرقة، ولكن اختلفوا في سرقة ما يُسرع إليه الفساد -كاللحم، والفواكه التي لا تبقى، والثمار الرطبة- هل يجب في ذلك حد القطع أم لا؟ قولان لأهل العلم.
الأقوال، وأشهر أدلة الموسع في المسألة:
القول الأول: عدم القطع، وهو مذهب الحنفيَّة (١).
القول الثاني: وجوب الحد، وهو مذهب الجمهور (٢).
ويظهر أن أوسع المذاهب في هذه المسألة هم الحنفيَّة، وقد استدلوا على هذه المسألة بأدلة، منها:
الدليل الأول: عن رافع بن خديج قال: قال رسول الله ﷺ: «لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ وَلَا كَثَرٍ» أخرجه الخمسة (٣).
(١) انظر: شرح مختصر الطحاوي للجصاص (٦/ ٢٩٥)، المبسوط للسرخسي (٩/ ١٥٣)، الدر المختار وحاشية ابن عابدين (٤/ ٨٤). (٢) انظر: التهذيب في اختصار المدونة (٤/ ٤٣٧)، المقدمات الممهدات (٣/ ٢٢٢)، الذخيرة للقرافي (١٢/ ١٤٦)، الحاوي الكبير (١٣/ ٢٧٤)، التهذيب في فقه الإمام الشافعي (٧/ ٣٦٠)، البيان في مذهب الإمام الشافعي (١٢/ ٤٣٨)، الشرح الكبير على المقنع (٢٦/ ٤٧٣)، الهداية على مذهب الإمام أحمد (ص: ٥٣٦)، كشاف القناع (٦/ ١٢٩). (٣) أخرجه أبو داود في (كتاب الحدود، باب ما لا قطع فيه) (٤/ ٢٣٧) رقم (٤٣٨٨)، والترمذي في (أبواب الحدود عن رسول الله ﷺ، باب ما جاء لا قطع في ثمر ولا كثر)، (٣/ ١١٩) رقم (١٤٤٩)، والنسائي في (كتاب قطع السارق، باب ما لا قطع فيه) (١/ ٩٥٩) رقم (٤٩٧٥/ ١)، وابن ماجه في (أبواب الحدود، باب لا يقطع فِي ثمر ولا كثر) (٣/ ٦٢٠) رقم (٢٥٩٣). والحديث مختلف في اتصاله وانقطاعه إلا أن الطحاوي ﵀ قال: «هذا الحديث تلقت العلماء متنه بالقبول»، وقال ابن عبد الهادي ﵀: «رجاله رجال الصحيحين»، وصحَّحَ الحديث: ابن حبان والبيهقي -رحمهما الله- وغيرهما. انظر: صحيح ابن حبان (١٠/ ٣١٦)، التمهيد لابن عبد البر (٢٣/ ٣٠٣)، المحرر في الحديث لابن عبد الهادي (ص: ٦٢٩)، البدر المنير (٨/ ٦٥٧)، التلخيص الحبير (٤/ ١٢١)، نيل الأوطار (٧/ ١٥٢)، إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل (٨/ ٧٢).