الدليل الثاني: أنَّ الذين وصفوا وضوء رسول الله ﷺ ذكروا أنَّه مسح رأسه وأذنيه، والله أمر بمسح الرأس «وفعله ﷺ خرج امتثالًا للأمر وتفسيرًا للمجمل؛ فعُلِم أنَّ الرأس المذكور في القرآن هو ما مسحه ﷺ يريد بذلك أنَّهما عضوان متصلان بالرأس إيصال خلقة فكانا منه»(١).
[الفرع الثالث: حكم الموالاة في الوضوء.]
تحرير محل النزاع:
تقدم إجماع العلماء على أنَّ التفريق اليسير في الوضوء لا يضرُّ، واختلفوا في حكم الموالاة فيما سوى ذلك على أقوال:
الأقوال، وأشهر أدلة المضيق في المسألة:
القول الأول: وجوبُ الموالاة مطلقًا. وهو مذهب الحنابلة (٢).
القول الثاني: وجوبُ الموالاة مع القدرة والذكر، وهو مذهب المالكيَّة (٣).
القول الثالث: استحبابُ الموالاة مطلقا، وهو مذهب الحنفيَّة والشافعيَّة (٤).
(١) شرح العمدة لابن تيمية - كتاب الطهارة (ص: ١٩٠). (٢) الهداية على مذهب الإمام أحمد (ص: ٥٥)، المحرر في الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل (١/ ١٢)، شرح منتهى الإرادات (١/ ٥٠). ونصَّ الحنابلة على عدم سقوط الموالاة بالنسيان والجهل. قال المرداوي في الإنصاف (١/ ٣٠٣): «لا يسقط الترتيب والموالاة بالنسيان، على الصحيح من المذهب. وعليه جمهور الأصحاب، والجهل كذلك في الحكم» بتصرف يسير. وانظر أيضًا: القواعد والفوائد الأصولية لابن اللحام (ص: ٥٣، ٨٨). (٣) انظر: المدونة (١/ ١٢٤)، مواهب الجليل في شرح مختصر خليل (١/ ٢٢٣)، الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (١/ ٩٠). (٤) انظر: شرح مختصر الطحاوي للجصاص (١/ ٣٢٧)، التجريد للقدوري (١/ ١٣٣)، البناية شرح الهداية (١/ ٢٥٠)، الحاوي الكبير (١/ ١٣٦)، التهذيب في فقه الإمام الشافعي (١/ ٢٧٥)، تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (١/ ٢٣٦).