للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولأهمية هذا الباب أفرد القاضي أبو يعلى كتابًا في شروط أهل الذمة، ذكر ذلك ابنه أبو الحسين (١). وأفرد القرافي الفرق الثامن عشر بعد المئة في كتابه الفروق لبيان الأحوال التي ينتقض بها عهد الذمي، والأحوال التي لا ينتقض (٢).

ولأهمية الباب كذلك ذكر ابن عقيل الخلاف العالي بين الفقهاء في مسألة ما ينتقض به العهد في كتابه التذكرة على غير عادته، ثم قال: «وإنما ذكرت الخلاف؛ لأنه حكم يتعلق بالدم، وأرى عوام الوقت يسارعون إلى التهجم على دماء أهل الذمة بما لا يوجب ذلك، ولا يبيحه مذهب أحد من العلماء» (٣).

والمسائل المتعلقة بالباب هي الأفعال الصادرة من الذمي التي قيل إنه بفعلها ينتقض عهده؛ كحربه للمسلمين، أو امتناعه عن أحكام الإسلام، أو امتناعه عن دفع الجزية، أو مكاتبته المشركين بأخبار المسلمين، أو سبِّه لأحد الأنبياء أو الزنى بالمسلمة، ونحو ذلك.

ولكون الاتساع والضيق في هذا الباب يحتمل أكثر من معنى؛ فإنَّ مراد الباحث بالتوسع هو القول بعدم نقض العهد، والمراد بالضيق هو القول بنقض العهد.

[المطلب الأول: المسائل المجمع والمتفق عليها في الباب.]

أجمع العلماء على أصل حكم الجزية (٤)، واتفق العلماء على أنَّ الذمي إذا


(١) انظر: طبقات الحنابلة (٢/ ٢٠٥).
(٢) انظر: (٣/ ١١).
(٣) (ص: ٣٢٦). وهذا المعنى فيه لفتة إلى عظيم أمر الدم من وجه، ومن وجه آخر: اهتمام العلماء بالمسائل التي يكون لها أثر في أهل زمانهم.
(٤) الإجماع لابن المنذر (ص: ٦٢)، الإقناع في مسائل الإجماع (١/ ٣٥٢).

<<  <   >  >>