[الفرع الثالث: حكم قراءة ما زاد على الفاتحة في صلاة الفرض.]
تحرير محل النزاع:
تقدَّم أنَّه لا خلاف بين المذاهب الأربعة في ركنيَّة القراءة في الصلاة في الجملة، وتقدَّم أنَّ الجمهور يقولون بركنية الفاتحة في كل ركعة، وأنَّ الحنفيَّة يقولون: الركن هو مطلق القراءة في الركعتين الأوليين فقط، ثم اختلفوا في وجوب قراءة ما زاد على الفاتحة في الركعتين الأوليين على قولين (١):
الأقوال، وسبب الاستثناء في المسألة:
القول الأول: وجوب قراءة ثلاث آيات مع الفاتحة، أو سورة قصيرة كسورة
(١) نصَّ ابن قدامة ﵀ في المغني (١/ ٤٠٨) على أنَّ قراءة السورة بعد الفاتحة سنَّة بغير خلاف، وتابعه على ذلك ابن أبي عمر في الشرح الكبير (٣/ ٤٥٩)، وقال ابن القطان في الإقناع في مسائل الإجماع (١/ ١٢٨): «من قرأ أم القرآن وحدها في صلاته فصلاته تامة مجزئة بإجماع من المصلين»، وقال الزركشي في شرحه على مختصر الخرقي (١/ ٥٥٢): «أمَّا قراءة السورة بعد الفاتحة فسنَّة مجمع عليها»، ويقال هنا ما قيل في مسألة الجهر من أن الإطلاق فيه إجمال، فإن حُمل كلام الأئمة ﵏ على أنَّ القراءة بعد الفاتحة مشروعة من حيث الأصل فمسلَّم، وأما إن حمل كلامهم على أن القراءة بعد الفاتحة سنة غير واجبة ففيه نظر ظاهر؛ إذ المسألة فيها نزاع، فقد حكى الماوردي في الحاوي الكبير (٢/ ١١٢) عن عمر بن الخطاب وعثمان بن أبي العاص ﵄ أنهما أوجبا قراءة شيء بعد الفاتحة، والمعتمد عند الحنفيَّة -على ما سيأتي- الوجوب، بل الوجوب رواية عن الإمام أحمد ذكرها ابن مفلح والمرداوي، وهذه الأمور تقوِّي حمل الكلام على المعنى الأول. انظر: شرح العمدة لابن تيمية - صفة الصلاة (ص: ١٩٦)، الفروع وتصحيح الفروع (٢/ ١٧٩)، الإنصاف (٣/ ٦٧٨).