الدليل الأول: أنَّ المقصود من عقد الذمة هو ترك المعاهد للقتال (١)، وتركه للجزية لا يضرُّ بهذا المقصد.
الدليل الثاني: أنَّ امتناع الذمي من جريان أحكام الإسلام عليهم «أمرٌ حُظِر بالأمان، فإذا فعلوا وهم في أيدينا لم ينتقض العهد؛ كإظهار الخمر والخنزير»(٢).
الفرع الثالث: حكم نقض عهد الذمي بسب نبي من الأنبياء ﵈-.
تحرير محل النزاع:
تقدَّم اتفاق العلماء ﵏ على أنَّ الذمي إذا التزم بالشروط العمريَّة أنه لا يجوز نقض عهده، واختلفوا في الذمي إذا سبَّ أحدًا من الأنبياء ﵈ أو ذكَرهم بسوء -عياذًا بالله من ذلك- هل ينتقض بذلك عهده أم لا؟
الأقوال، وأشهر أدلة الموسع في المسألة:
القول الأول: عدم انتقاض العهد بسب نبي من الأنبياء ﵈ مطلقًا، وهو مذهب الحنفيَّة (٣).
القول الثاني: انتقاض العهد بسب نبي من الأنبياء ﵈ إن كان قد شُرِطَ على الذمي عدم السبِّ، وإلا فلا ينتقض، وهو مذهب الشافعيَّة (٤).
(١) انظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (٣/ ٢٨٢)، مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر (١/ ٦٧٧). (٢) التجريد للقدوري (١٢/ ٦٢٦٦). (٣) انظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (٧/ ١١٣)، فتح القدير (٦/ ٦٢)، البحر الرائق شرح كنز الدقائق مع تكملة الطوري (٥/ ١٢٥). وبعض متأخري الحنفيَّة ينصون على أنه إذا شرط على أهل الذمة عدم السب فخالفوا انتقض بذلك عهدهم. انظر: الدر المختار وحاشية ابن عابدين (٤/ ٢١٤). (٤) انظر: التدريب في الفقه الشافعي (٤/ ٢٤٥)، بداية المحتاج في شرح المنهاج (٤/ ٣١٦)، تحفة المحتاج في شرح المنهاج (٩/ ٣٠٢).