ووجه الدلالة: أنَّ النبي ﷺ نهى عن الصلاة في مبارك الإبل، ونهي النبي ﷺ يقتضي التحريم (١)، ويدل أيضًا على البطلان (٢).
الدليل الثاني: عن ابن عمر ﵄: «أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ نَهَى أَنْ يُصَلَّى فِي سَبْعَةِ مَوَاطِنَ: الْمَزْبَلَةِ، وَالْمَجْزَرَةِ، وَالْمَقْبَرَةِ، وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ، وَفِي الْحَمَّامِ، وَمَعَاطِنِ الْإِبِلِ، وَفَوْقَ ظَهْرِ بَيْتِ اللهِ ﷿» أخرجه الترمذي وابن ماجه (٣).
ووجه الدلالة في الحديث: أن النبي ﷺ نهى عن الصلاة في هذه المواطن السبعة، ومنها: معاطن الإبل، «والنهي يدل على فساد المنهي عنه»(٤)، ولأنها بقع «نهي عن الصلاة فيها نطقًا أشبه الموضع النجس»(٥).
الدليل الثالث: أنَّ النهي عن الصلاة في معاطن الإبل مروي عن جابر بن سمرة (٦)، وعبد الله بن عمرو (٧)﵃.
[الفرع الثالث: حكم الصلاة في الأرض المغصوبة.]
تحرير محل النزاع:
تقدم إجماع العلماء على تحريم الصلاة في الأرض المغصوبة، لكنَّهم اختلفوا في صحة الصلاة وفسادها على قولين (٨):
(١) انظر: المغني لابن قدامة (٢/ ٥١). (٢) التعليقة الكبيرة لأبي يعلى (١/ ٣٥١). (٣) تقدم تخريجه قريبًا. (٤) التعليقة الكبيرة لأبي يعلى (١/ ٣٣٦). (٥) رؤوس المسائل لأبي جعفر الشريف (١/ ١٦٥). (٦) أخرجه ابن أبي شيبة في (كتاب الصلاة، الصلاة فِي أعطان الإبل) (٣/ ٣٠٥) رقم (٣٩٠٢)، (٣/ ٣٠٧) (٣٩١٣). (٧) أخرجه مالك في (كتاب الصلاة، العمل في جامع الصلاة) (٢/ ٢٣٦) رقم (٥٨٦). (٨) نقل أبو بكر الباقلاني ﵀ إجماع السلف على صحة الصلاة في الأرض المغصوبة في التقريب والإرشاد (٢/ ٣٦٠)، لكن أبا المظفر السمعاني ﵀ أنكر صحة انعقاد الإجماع في المسألة أشد الإنكار؛ إذ يقول: «أجاب بعض من يدعي التحقيق من المتأخرين عن هذه المسألة، وقال: القياس أن لا تجوز صلاته لكنا جوزنا بالإجماع، وهذا مردود لا يلتفت إليه عالم، وكيف يدعى الإجماع، وقد ذهب جماعة كثيرة من علماء الأمة إلى إفساد هذه الصلاة وليس تتأتى مسالك الفقه لكل واحد، ولا ينبغي أن يغترَّ بطنطة الناس وتزخرفهم في عباراتهم، فإن مع أكثرهم دعاوي عريضة وعجز ظاهر، وتهالك على الألفاظ المروَّقة من غير طائل، والله العاصم بمنِّه» الاصطلام في الخلاف بين الإمامين الشافعي وأبي حنيفة (١/ ٣١٦). وانظر أيضًا: البرهان في أصول الفقه (١/ ٩٨)، المستصفى (ص: ٦٢).