ووجه الدلالة من الحديث: عمومه؛ وذلك أنَّ عموم الحديث يشمل كل طعام يتسارع إليه الفساد ثمرًا كان أو كثرًا -وهو جمَّار النخل- (١) أو غيرهما (٢).
الدليل الثاني: أنَّ في مالية ما يتسارع إليها لفساد نقصانًا؛ لأن المالية بالتموُّل، وذلك يكون بالصيانة والادخار لوقت الحاجة، وهذا لا يتحقق فيما يتسارع إليه الفساد فأورث ذلك شبهة العدم، والحدود تدرأ بالشبهات (٣).
الدليل الثالث: أنَّ معنى الحرز ناقص فيما يسرع إليه الفساد؛ «لأنَّه لا يبقى، ونقصان معنى الحرز يمنع من وجوب القطع»(٤).
الفرع الثاني: حكم القطع في سرقة ما كان أصله مباحًا.
تحرير محل النزاع:
تقدم إجماع أهل العلم على وجوب حد السرقة من حيث الجملة، ولكن اختلفوا
(١) «الكَثَر: الجمَّار» قاله أبو داود في سننه (٤/ ٢٣٧)، والمراد بالجمَّار: جمار النخل، وهو: شيء أبيض يكون في وسط النخل يؤكل. وانظر: غريب الحديث لأبي عبيد (١/ ٢٨٧)، النهاية في غريب الحديث (٤/ ١٥٢)، المفاتيح في شرح المصابيح (٤/ ٢٦٣). (٢) انظر: شرح مختصر الطحاوي للجصاص (٦/ ٢٩٥)، التجريد للقدوري (١١/ ٥٩٦٩). (٣) انظر: المبسوط للسرخسي (٩/ ١٥٣). (٤) التجريد للقدوري (١١/ ٥٩٧٠). وانظر أيضًا: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (٣/ ٢١٥).