في سرقة ما كان أصله مباحًا وكان تافهًا في جنسه -كالصيد، والطير ولو دجاجًا أو بطًّا، والحشيش والقصب، والخشب الذي لم تدخله الصنعة، ونحو ذلك- هل يجب فيه الحد أم لا؟ قولان لأهل العلم في ذلك.
الأقوال، وأشهر أدلَّة الموسِّع في المسألة:
القول الأول: عدم القطع، وهو مذهب الحنفيَّة (١).
القول الثاني: وجوب القطع، وهو مذهب الجمهور (٢).
ويظهر هنا أيضًا أن أوسع المذاهب في هذه المسألة هم الحنفيَّة؛ لقولهم بعدم القطع، وقد استدلوا على ذلك بأدلة، منها:
الدليل الأول: عن رجل من المهاجرين من أصحاب النبي ﷺ ورضي الله عنهم- قال:«غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ ثَلَاثًا أَسْمَعُهُ يَقُولُ: الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ: فِي الْمَاءِ، وَالْكَلَأِ، وَالنَّارِ» أخرجه أبو داود وأحمد (٣).
(١) انظر: المبسوط للسرخسي (٩/ ١٥٣)، مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر (١/ ٦١٦)، الدر المختار وحاشية ابن عابدين (٤/ ٩١). (٢) انظر: الإشراف على نكت مسائل الخلاف (٢/ ٩٤٧)، التاج والإكليل لمختصر خليل (٨/ ٤١٥)، الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (٤/ ٣٣٤)، الحاوي الكبير (١٣/ ٢٧٦)، العزيز شرح الوجيز (١١/ ١٩٣)، الغاية في اختصار النهاية (٧/ ٨٧)، الكافي في فقه الإمام أحمد (٤/ ٧٢)، الفروع وتصحيح الفروع (١٠/ ١٢٩)، شرح منتهى الإرادات (٣/ ٣٦٨). تنبيه: استثنى الحنابلة من ذلك (الماء) فقالوا بعدم القطع فيه؛ لأن أصله الإباحة، ولكونه غير متمول عادة. انظر: التنقيح المشبع (ص: ٤٤٨)، كشاف القناع (٦/ ١٣١). (٣) أخرجه أبو داود في (كتاب الإجارة، باب في منع الماء) (٣/ ٢٩٥) رقم (٣٤٧٧) وأحمد في (مسند الأنصار ﵃، أحاديث رجال من أصحاب النبي ﷺ﵃ (١٠/ ٥٤٧٥) رقم (٢٣٥٥١). والحديث روي مرسلًا وروي متصلًا، وقال عنه ابن حجر ﵀: «رجاله ثقات»، وصححه الألباني ﵀ وغيره. انظر: علل الحديث لابن أبي حاتم (٣/ ٤٠٠)، نصب الراية (٤/ ٢٩٤)، الدراية في تخريج أحاديث الهداية (٢/ ٢٤٦)، إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل (٦/ ٧)، مسند أحمد طبعة الرسالة (٣٨/ ١٧٤).