ووجه الدلالة من الآيتين: أن تحريم الخمر في القرآن مثل تحريم الميتة والخنزير، والميتةُ والخنزير يجوز أكلهما حال الاضطرار، فكذا الخمر يجوز شربها حال الضرورة (١).
الدليل الثاني: قياس الأولى؛ وذلك أنَّ حرمة مال الغير آكد من حرمة الخمر، ومع ذلك يجوز أكل مال الغير حال الضرورة، فجاز شرب الخمر حال الضرورة من باب أولى (٢).
الفرع الثالث: حكم الحد في شرب السَّكَر والفضيخ ونقيع الزبيب (٣) إذا غلى واشتد وقذف بالزبد ما لم يسكر.
تحرير محل النزاع:
لا خلاف بين العلماء في جواز شرب نقيع الزبيب ونحوه إذا لم يشتد (٤)، وتقدم اتفاق المذاهب على تحريم شرب قليل السَّكَر والفضيخ ونقيع الزبيب إذا اشتد وقذف بالزبد، واتفقت المذاهب على وجوب الحد إن سكر من السَّكَر أو الفضيخ أو نقيع الزبيب (٥). ولكن اختلف العلماء فيمن شرب منها فلم يسكر إما لأنه شرب القليل، أو لأن جسده تعوَّدها، هل يحد بذلك أم لا؟
(١) انظر: التجريد للقدوري (١٢/ ٦١١٨)، المبسوط للسرخسي (٢٤/ ٢٨). (٢) انظر: التجريد للقدوري (١٢/ ٦١١٨). (٣) تقدم التعريف بها في المطلب الأول. (٤) انظر: شرح مختصر الطحاوي للجصاص (٦/ ٣٥٥). وأنبه إلى أن الحنابلة أباحوا الشرب من العصير ثلاثة أيام بشرط ألا يشتد، فإن اشتد قبل ذلك أو بلغ ثلاثة أيام حرم. انظر: معونة أولي النهى (١٠/ ٤٦٣)، شرح منتهى الإرادات (٣/ ٣٦٣)، المنح الشافيات بشرح مفردات الإمام أحمد (٢/ ٧٣٨). (٥) أمَّا الجمهور فسيأتي أنهم يقولون بالحد من كل مسكر، وأما الحنفيَّة فانظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (٥/ ١١٤)، الاختيار لتعليل المختار (٤/ ١٠٠).