للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث السابع:

السعة والضيق في غير علم الفقه

تقدَّم في المباحث السابقة الكلام على السَّعة والضيق في أبواب الفقه، ويمكن تطبيق هذا الأمر في جميع العلوم الشرعيَّة، ولعلي في هذه العجالة أشير إلى بعض الأمثلة:

فأمَّا علم الأصول -وهو أقرب العلوم إلى علم الفقه فهما أبناء عَلَّات- فيمكن أن يطبَّق عليه الاتساع والضيق في المباحث الأصولية، فمثلًا ما أوسع المذاهب في تخصيص العام؟ وما أوسع المذاهب إمضاء لحكم القياس؟ وما أوسع المذاهب في باب دلالات الألفاظ؟ وما أوسع المذاهب في باب النسخ، ونحو ذلك.

وقد وقفتُ على شيء من الاتساع والضيق الأصولي، وهو باب سد الذرائع، فالمالكيَّة هم أوسع المذاهب إعمالًا لهذا الأصل، يقول القرافي في الخلاف في سد الذرائع: «حاصل القضية أنا قلنا بسد الذرائع أكثر من غيرنا، لا أنها خاصة بنا» (١). وقال أيضًا في الفروق «ليس سد الذرائع خاصًّا بمالك بل قال بها هو أكثر من غيره، وأصلُ سدها مجمع عليه» (٢)، وقال د. محمد هشام البرهاني : «ليس في المذاهب الأربعة المنتشرة ولا في غيرها من بلغ في أخذه بهذا الأصل مبلغ المذهب المالكي» (٣).

وثمَّة مثال آخر يمكن إعمال السَّعة والضيق فيه، وهو العمل بقول الصحابي في مسائل الاجتهاد إذا لم يشتهر، فالجمهور على العمل به على اختلاف بينهم في


(١) الذخيرة (١/ ١٥٣).
(٢) (٢/ ٣٣). وانظر أيضًا: الفروق (٣/ ٢٦٦).
(٣) سدُّ الذرائع في الشريعة الإسلامية (ص: ٦١٥). وانظر أيضًا: مجموع الفتاوى (٢٩/ ٢٧).

<<  <   >  >>