الدليل الثالث: أنَّ شركة الأبدان شركة عريت عن مشترك في الحال وهو المال، فوجب أن تكون باطلة قياسًا على الاشتراك فيما يستوهبانه أو فيما يرثانه (١).
[الفرع الثاني: حكم شركة المفاوضة.]
تحرير محل النزاع:
تقدم إجماع العلماء على أصل جواز الشركة، لكن اختلفوا في حكم شركة المفاوضة على قولين.
الأقوال، وأشهر أدلة المضيِّق في المسألة:
القول الأول: المنع، وهو مذهب الشافعيَّة (٢).
القول الثاني: الجواز في الجملة، وهو مذهب الجمهور (٣).
وعلى ذلك فأضيق المذاهب في هذه المسألة من قال بالمنع مطلقًا، وهم الشافعيَّة كذلك، وقد استدلوا على هذه المسألة بأدلة، منها:
(١) انظر: النكت في المسائل المختلف فيها بين أبي حنيفة والشافعي للشيرازي رسالة دكتوراه تحقيق: د. زكريَّا المصري (ص: ٧٢٨)، الحاوي الكبير (٦/ ٤٧٩). (٢) انظر: الحاوي الكبير (٦/ ٤٧٥)، روضة الطالبين وعمدة المفتين (٤/ ٢٧٩)، تحفة المحتاج في شرح المنهاج (٥/ ٢٨٢). (٣) انظر: المبسوط للسرخسي (١١/ ١٥٣)، الاختيار لتعليل المختار (٣/ ١٢)، فتح القدير (٦/ ١٥٦)، المقدمات الممهدات (٣/ ٣٦)، الذخيرة للقرافي (٨/ ٥٣)، منح الجليل شرح مختصر خليل (٦/ ٢٦٠)، الإرشاد إلى سبيل الرشاد (ص ٢١٦)، التنقيح المشبع (ص: ٢٧٠)، شرح منتهى الإرادات (٢/ ٢٣٢). وأنبه إلى أمرين، الأول: أن بين الجمهور خلاف عريض في بعض شروط شركة المفاوضة كالضمان واستواء المالين واتفاق دين المتشاركين، وغير ذلك. والثاني: أن الحنابلة قالوا بجواز المفاوضة على الإطلاق الأول على ما تقدَّم بيانه، وهو الاشتراك في جميع وجوه الشركات من عنان ومضاربة ووجوه وأبدان.