القول الثاني: الجواز في الجملة، وهو مذهب الجمهور (١).
وعليه فأضيق المذاهب في هذه المسألة من قال بالمنع من شركة الأبدان، وهم الشافعيَّة، وقد استدلوا على هذه المسألة بأدلة، منها:
الدليل الأول: عن أبي هريرة ﵁ قال: «نَهَى رَسُولُ اللهِ ﷺ عَنْ بَيْعِ الْحَصَاةِ، وَعَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ» أخرجه مسلم (٢).
ووجه الدلالة من الحديث: أن الشركة في الأبدان فيها غرر كثير من جهة أنه لا يدري كم يكسب كل واحد منهما، وكذلك يحتمل أن يعمل أحدهما ولا يعمل الآخر، أو يعمل أحدهما أكثر من عمل الآخر، وهذا غرر مبطل للشركة (٣).
الدليل الثاني: عن عائشة ﵂«كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللهِ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ» متفق عليه (٤).
ووجه الدلالة من الحديث: أن شرط الشريكين في شركة الأبدان بأن يكون عمل بدنهما قسمة بينهما شرط ليس في كتاب الله تعالى، فوجب أن يكون باطلًا (٥).
(١) انظر: شرح مختصر الطحاوي للجصاص (٣/ ٢٥٠)، البناية شرح الهداية (٧/ ٤٠٨)، الدر المختار وحاشية ابن عابدين (٦/ ٨٩)، التفريع في فقه الإمام مالك بن أنس (٢/ ١٨٢)، التلقين في الفقه المالكي (٢/ ١٦٣)، الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (٣/ ٣٦١)، الكافي في فقه الإمام أحمد (٢/ ١٤٩)، شرح الزركشي على مختصر الخرقي (٤/ ١٢٤)، شرح منتهى الإرادات (٢/ ٢٢٩). وبين الجمهور خلاف في بعض تفاصيل الشركة، فمنع الحنفيَّة شركة الأبدان في امتلاك المباحات كالحطب والصيد ونحو ذلك، ومنع المالكيَّة شركة الأبدان إن اختلفت الصنائع. (٢) تقدم تخريجه في مبحث باب الغرر. (٣) انظر: الحاوي الكبير (٦/ ٤٧٩)، البيان في مذهب الإمام الشافعي (٦/ ٣٧٢). (٤) تقدَّم تخريجه في باب الشروط في العقود. (٥) انظر: المهذب للشيرازي (٢/ ١٥٨).