للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعليه فأضيق المذاهب في هذه المسألة من قال بالمنع من ضمان المجهول، وهم الشافعيَّة كذلك. وقد استدلوا على هذه المسألة بأدلة، منها:

الدليل الأول: عن أبي هريرة قال: «نَهَى رَسُولُ اللهِ عَنْ بَيْعِ الْحَصَاةِ، وَعَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ» أخرجه مسلم (١).

ووجه الدلالة: أنَّ ضمان المجهول من الغرر، والغرر منهي عنه كما في الحديث (٢).

الدليل الثاني: القياس؛ وذلك أن ضمان المجهول هو: إثبات مال في الذمة بعقد لازم، فلم يصح مع جهله؛ قياسًا على الثمن في البيع، والمهر في النكاح (٣).

[الفرع الرابع: المسائل الشواهد في الباب.]

بعد بيان المسائل المتقدمة ظهر بوضوح ضيق الشافعيَّة في المسائل المتعلقة بباب الغرر، وعند النظر في المسائل الخلافيَّة يظهر ما يقوي هذا المعنى، ولكثرة مسائل الغرر وتفرُّعها، وصعوبة الإحاطة بها؛ فإنني سأنتخب بعض المسائل المقرِّرة لضيق الشافعيَّة في الباب (٤)، من ذلك:


(١) تقدم تخريجه في الفرع الأول من هذا المطلب.
(٢) انظر: كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار (ص ٢٦٨).
(٣) انظر: الحاوي الكبير (٦/ ٤٥١)، البيان في مذهب الإمام الشافعي (٦/ ٣١٧).
(٤) لما فرغ أ. د الصديق الضرير في كتابه القيم: الغرر وأثره في العقود في الفقه الإسلامي (ص: ٤٥٣) من الكلام على أثر الغرر في عقد البيع قال في الباب الذي يليه: «تكلَّمت عن أثر الغرر في باب البيع، وفصَّلت القول فيه تفصيلًا إن لم يكن أحاط بكل جزئياته فقد أحاط بالمهمِّ منها». وهنا الشيخ - مع اختصاص كتابه في الغرر- لم يجزم بإحاطة كتابه بمسائل الغرر، وما ذاك إلا لكثرة مسائل الباب وتفاريعه، وتداخلها مع أبواب أخرى كباب الشروط في العقود.

<<  <   >  >>