لِمَنْ حَمِدَهُ. ثم قام طويلا قريبا مما ركع، ثم سجد فقال: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى. فكان سجوده قريبا من قيامه» أخرجه مسلم (١).
ووجه الدلالة في الحديث من وجهين:
الأول: أنَّ فعل النبي ﷺ خرج بيانًا لمجمل القرآن، و» بيان الرسول ﷺ للقرآن يجب علينا أن نَرْجِعَ إليه؛ لأنَّ أعلم الخَلْقِ بكلام الله هو رسول الله» (٢)، وفي القران الأمرُ بالركوع والسجود، فتكون صفته على ما جاء في فعل النبي ﷺ.
والثاني: أنَّ أفعال النبي ﷺ في الصلاة محمولة على الوجوب؛ لقوله ﷺ:«صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي»(٣).
الدليل الثالث: قياس التسبيح في الركوع والسجود على قراءة الفاتحة في القيام، بجامع أن كليهما فعل في الصلاة؛ فلم يخلُ من ذكر واجب (٤).
[الفرع الثالث: حكم التسليم في الصلاة.]
اختلف العلماء ﵏ في حكم التسليمتين الأولى والثانية في الصلاة على أقوال (٥):
(١) أخرجه مسلم في (كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تطويل القراءة فِي صلاة الليل) (٢/ ١٨٦) رقم (٧٧٢). (٢) الشرح الممتع على زاد المستقنع (٣/ ٣٢٠). (٣) انظر: المغني لابن قدامة (١/ ٣٦٢). والحديث تقدم تخريجه قريبًا. (٤) انظر: الكافي في فقه الإمام أحمد (١/ ٢٥٠). (٥) حكى ابن المنذر الإجماع على سنِّيَّة التسليمة الثانية في كتابه الإجماع (ص: ٣٩)، وفي هذا نظرٌ بالغ؛ إذ المعتمد في مذهب الحنابلة ركنيتها، والمعتمد عند الحنفيَّة وجوبها. قال المرداوي في الإنصاف (٣/ ٦٧٤) متعقبا ابن المنذر ﵀: «قلت: هذا مبالغة منه، وليس بإجماع، قال العلامة ابن القيم: وهذه عادته، إذا رأى قول أكثر أهل العلم، حكاه إجماعا». وانظر أيضًا: المغني لابن قدامة (١/ ٣٩٦).