الدليل الأول: عن أبي هريرة ﵁ قال: «نَهَى رَسُولُ اللهِ ﷺ عَنْ بَيْعِ الْحَصَاةِ، وَعَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ» أخرجه مسلم (١).
ووجه الدلالة من الحديث: ما في شركة المفاوضة من غرر عظيم، حتى قال الماوردي ﵀:«لا غرر أعظم من المفاوضة»(٢)، والنهي يقتضي الفساد (٣).
الدليل الثاني: عن عائشة ﵂«كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللهِ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ» متفق عليه (٤).
ووجه الدلالة من الحديث: أن الشروط في شركة المفاوضة شروط ليست في كتاب الله، فوجب أن تكون باطلة (٥).
الدليل الثالث: أن شركة المفاوضة متضمنة لشركة الأبدان، وتقدم أدلة النهي عن شركة الأبدان (٦).
[الفرع الثالث: حكم خلط المالين في الشركات.]
تحرير محل النزاع:
تقدَّم إجماع العلماء على جواز شركة العنان من حيث الجملة، ولكن اختلفوا هل خلط المالين شرط في صحة الشركة أم لا؟ قولان في ذلك.
(١) تقدم تخريجه. (٢) الحاوي الكبير (٦/ ٤٧٥). وقال الشافعي ﵀ في الأم (٧/ ١٤١): «شركة المفاوضة باطلة، ولا أعرف شيئًا من الدنيا يكون باطلًا إن لم تكن شركة المفاوضة باطلة». (٣) انظر: البيان في مذهب الإمام الشافعي (٦/ ٣٧٣). (٤) تقدَّم تخريجه في باب الشروط في العقود. (٥) انظر: مختصر خلافيات البيهقي (٣/ ٤٠٠). وأنبه إلى أنَّ ابن فرح ﵀ نقل الحديث ولم يبين وجه الدلالة، ولعل وجهه ما ذُكر، والله أعلم. (٦) انظر: النكت في المختلف للشيرازي رسالة دكتوراه للباحث: زكريَّا المصري (ص: ٧٣٨)، وانظر ما تقدم في الفرع السابق.