للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الثالث: استحباب المشي فلو طاف راكبًا فلا كراهة، وهو مذهب الشافعيَّة (١).

ويظهر في هذا الفرع أنَّ الحنفيَّة وسط بين المذاهب، ولكنهم أضيق من الشافعيَّة؛ لقولهم بتحريم الركوب للقادر، على حين جوَّز ذلك الشافعيَّة، ويظهر أنَّ ضيقهم في هذه المسألة يعود إلى أمور:

الأمر الأول: قول الله تعالى: ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: ٢٩].

ووجه الدلالة من الآية: أنَّ «الراكب ليس بطائف حقيقة فأوجب ذلك نقصًا فيه فوجب جبره بالدم» (٢).

الأمر الثاني: أنَّ الطواف بالبيت كالصلاة، و «أداء المكتوبة راكبًا من غير عذر لا يجوز، فكان ينبغي ألا يعتد بطواف الراكب من غير عذر، ولكنا نقول المشي شرط الكمال فيه فتركه من غير عذر يوجب الدم» (٣).

[المطلب الرابع: سبب التوسع والضيق في الباب.]

من خلال ما تقدم ظهر بجلاء سعة الحنفيَّة في باب الطواف دون غيرهم من المذاهب، وهذه السعة يمكن ردها -والله أعلم- إلى سبب واحد وهو: الخلاف بين الحنفيَّة والجمهور في مسألة الزيادة على النص.


(١) انظر: بحر المذهب للروياني (٣/ ٤٩٠)، روضة الطالبين وعمدة المفتين (٣/ ٨٤)، تحفة المحتاج في شرح المنهاج (٤/ ٨٢).
(٢) بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (٢/ ١٣٠).
(٣) المبسوط للسرخسي (٤/ ٤٥).

<<  <   >  >>