الدليل الثاني: عدم وجود الشبهة؛ وذلك لأمرين: الأول: أنه يقدر على مشاهدة المرأة أو سؤالها، «ومن رجع إلى الظن وهو يقدر على المشاهدة والسماع لم يعتد بظنه، كمن اجتهد في القبلة وبحضرته من يسأله عنها»(١). والثاني: أنَّ مجرد وجود المرأة على فراشه لا اشتباه فيه بعد طول الصحبة، وهذا لأنَّه قد ينام على فراشها غيرها من المحارم التي في بيتها، فلم يكن الظن حينها مستندًا إلى دليل (٢).
[الفرع الثاني: الاختلاف بين شهود الزنى في تحديد زاويته في البيت.]
تحرير محل النزاع:
اتفقت المذاهب على أن شهود الزنى إذا اختلفوا في تعيين الزاوية في البيت الواسع أن شهادتهم مردودة (٣)، ولكن اختلفوا فيما إذا كان الزنى في البيت الضيق جدًّا واختلفت الشهادة، وذلك بأن عيَّن بعضهم زاوية، وعين بعضهم زاوية أخرى، هل تقبل بذلك شهادتهم ويقام على الزاني الحد أم لا، قولان لأهل العلم في ذلك.
الأقوال، وسبب الاستثناء في المسألة.
القول الأول: عدم ثبوت الحد عند الاختلاف مطلقًا، وهو مذهب المالكيَّة والشافعيَّة (٤).
(١) التجريد للقدوري (١١/ ٥٨٩٩). (٢) انظر: البناية شرح الهداية (٦/ ٣٠٥)، اللباب في شرح الكتاب (٣/ ١٩١). (٣) انظر: الدر المختار وحاشية ابن عابدين (٤/ ٣٣)، المعونة على مذهب عالم المدينة (ص ١٣٩١)، التنبيه في الفقه الشافعي (ص: ٢٧٢)، شرح منتهى الإرادات (٣/ ٣٥٠). (٤) انظر: المعونة على مذهب عالم المدينة (ص: ١٣٩١)، بداية المجتهد ونهاية المقتصد (٤/ ٢٢٣)، الذخيرة للقرافي (١٢/ ٥٥)، الحاوي الكبير (١٣/ ٢٣٩)، التنبيه في الفقه الشافعي (ص: ٢٧٢)، مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج (٥/ ٤٥٤).