الكوثر، أو قدرها من غيرها، وهو مذهب الحنفيَّة (١).
القول الثاني: استحباب القراءة بعد الفاتحة، وهو مذهب الجمهور (٢).
ويظهرُ في هذا الفرع أنَّ الحنفيَّة أضيق من الحنابلة، ولعل سبب قول الحنابلة بعدم الوجوب عائد إلى أمرين:
الأول: أنَّهم جعلوا فرض القراءة من القرآن هو قراءة الفاتحة فقط، بدليل قوله ﷺ«لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ»(٣)؛ إذ النبي ﷺ قدَّر فرض القراءة بالفاتحة كما في الحديث، فأمَّا ما زاد على الفاتحة فهو من قبيل السنن والمستحبات.
والثاني: أنَّ القيام شُغِل بفرض قراءة الفاتحة فلا يجب ما سواه كالاستفتاح والتعوذ (٤).
[المطلب الرابع: سبب التوسع والضيق في الباب.]
من خلال ما تقدم يظهر جليًّا ضيق الحنابلة في باب واجبات الصلاة وأركانها دون غيرهم، ويظهر أيضًا أنَّ الحنفيَّة أوسع المذاهب في الباب، ومن خلال النظر
(١) انظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (١/ ١٠٥)، الدر المختار وحاشية ابن عابدين (١/ ٤٥٨). (٢) انظر: عقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة (١/ ٩٦)، الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (١/ ٢٤٢)، الحاوي الكبير (٢/ ١١٢)، نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (١/ ٤٩١)، الشرح الكبير على المقنع (٣/ ٤٥٩)، كشَّاف القناع (١/ ٣٩٠). (٣) الحديث متفق عليه من حديث عبادة بن الصامت ﵁ فأخرجه البخاري في (كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات كلها في الحضر والسفر) (١/ ١٥١) رقم (٧٥٦) ومسلم في (كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة فِي كل ركعة) (٢/ ٨) رقم (٣٩٤). (٤) ذكر أبو الخطاب في الانتصار في المسائل الكبار (٢/ ٢٨٠) نحوًا من هذا المعنى، وهو أنَّ المحل إذا كان غير واجب فالذكر فيه غير واجب.