• وقال الحنفيَّة: لا قصاص في الأجفان (١)، وقال الجمهور: فيهما القصاص (٢).
ثم عند إمعان النظر إلى المذاهب الثلاثة يلحظ الناظر بينها تقاربًا من حيث الجملة، وإن كان المالكيَّة أشدهم توسُّعًا في إثبات القصاص فيما دون النفس (٣)، والله أعلم.
[المطلب الثالث: المسائل المستثناة من الضيق في الباب.]
من خلال ما تقدم يظهر جليًّا أنَّ الحنفيَّة أضيق المذاهب في باب القصاص فيما دون النفس، إلا أنه من خلال النظر في كتب المذاهب المعتنية بفروع المسائل تبيَّن للباحث وجود مسألة خرجت من حيث النظر العام عن ضيقهم في الباب هي: جناية المسلم على الذمي فيما دون النفس.
[الفرع الأول: حكم القصاص في جناية المسلم على الذمي فيما دون النفس.]
اختلف العلماء ﵀ فيما إذا جنى المسلم على الذمي فيما دون النفس هل يقتص منه أم لا؟
(١) انظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (٧/ ٣٠٨). (٢) انظر: عقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة (٣/ ١١٠١)، الذخيرة للقرافي (١٢/ ٣٢٥)، نهاية المطلب في دراية المذهب (١٦/ ٢٠٣)، الوسيط في المذهب (٦/ ٢٨٩)، الشرح الكبير على المقنع (٢٥/ ٢٥٥)، كشاف القناع (٥/ ٥٤٧). (٣) مما يبيِّن سعة المالكيَّة أنهم انفردوا فقالوا في كسر العظام القصاص إذا لم يكن كسرها مخوفًا، على حين منع من ذلك الجمهور. انظر: المبسوط للسرخسي (٢٦/ ٨٠)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (٦/ ١٣٣)، التهذيب في اختصار المدونة (٤/ ٥٥٥)، عقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة (٣/ ١١٠١)، التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (٨/ ٨٥)، البيان في مذهب الإمام الشافعي (١١/ ٣٧٦)، أسنى المطالب في شرح روض الطالب (٤/ ٢٤)، العدة شرح العمدة (ص: ٥٤٦)، الإنصاف (٢٥/ ٢٤٩).