وقد استدلوا على هذه المسألة بالقياس؛ وذلك أنَّ السيد والعبد اختلفا في عوض العتق القائم بينهما، وليس مع أحدهما بينة، فوجب أن يتحالفا قياسًا على المتبايعين يختلفان في ثمن السلعة (١).
[الفرع الرابع: المسائل الشواهد في الباب.]
بعد بيان المسائل المتقدمة ظهر بوضوح سعة الشافعيَّة بالقول بالتحالف عند الاختلاف في العقود على اختلاف أجناسها دون غيرهم من المذاهب، وعند استقراء المسائل الخلافيَّة المتعلقة بهذا الباب يظهر ما يؤيد هذا المعنى أيضًا، وأنبه إلى أن الخلاف في جميع ما سيرد في هذا الفرع إنَّما محله مع عدم البينة، فأما إن وجدت البينة لأحد المتنازعين قضي له بها.
إذا تبيَّن هذا فإنَّ الشواهد الدالَّة على سعة الشافعيَّة في التحالف عند الاختلاف في العقود أنهم قالوا:
• يتحالف المتعاقدان عند الاختلاف في الشروط الجعليَّة؛ كشرط الأجل أو الخيار أو الكفيل ونحو ذلك (٢)، وقال المالكيَّة: يتحالفان ويتفاسخان إن لم تفت السلعة، فإن فاتت فالقول قول من يُشْبه بيمينه، فإن أشبها جميعًا فقول المشتري بيمينه، وإن لم يُشْبها تحالفا ويصار إلى القيمة في المقوَّم والمِثْلُ في المثلي (٣)، وقال الحنفيَّة والحنابلة: القول قول المنكر بيمينه (٤).
(١) انظر: البيان في مذهب الإمام الشافعي (٨/ ٥٠٤)، العزيز شرح الوجيز (١٣/ ٥٣٠). (٢) انظر: الحاوي الكبير (٥/ ٢٩٩)، أسنى المطالب في شرح روض الطالب (٢/ ١١٤). (٣) انظر: التاج والإكليل لمختصر خليل (٦/ ٤٦٨)، الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (٣/ ١٨٨). (٤) انظر: الاختيار لتعليل المختار (٢/ ١٢١)، البناية شرح الهداية (٩/ ٣٥٦)، عمدة الحازم في الزوائد على مختصر أبي القاسم (ص: ٢٧٣)، كشاف القناع (٣/ ٢٣٨).