للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم إنه عند النظر إلى المذاهب الثلاثة يظهر أنَّها متقاربة من حيث السعة في باب التصرف بالمال المشاع، وإن كان الحنابلة أقرب إلى الحنفيَّة في الضيق لما تقدم من مسألة الإجارة، والله أعلم.

[المطلب الثالث: المسائل المستثناة من الضيق في الباب.]

من خلال ما تقدم يظهر جليا أنَّ أضيق المذاهب في الباب هم الحنفيَّة، وعند النظر في كتب الخلاف وكتب رؤوس المسائل لم أقف على مسألة خرجت عن هذا الأصل، والله تعالى أعلم.

[المطلب الرابع: سبب التوسع والضيق في الباب.]

من خلال ما تقدم ظهر بوضوح ضيق الحنفيَّة في التصرف بالمال المشاع وسعة غيرهم، ويمكن القول: إن مردَّ الخلاف راجع إلى سبب واحد، وهو: الاختلاف بين الحنفيَّة والجمهور في قبض المال المشاع.

وذلك أنَّ الحنفيَّة ذهبوا إلى أن قبض المشاع قبضٌ غير تام، وعلى ذلك لم يصححوا بعض المعاملات التي يشترط فيها القبض الكامل؛ كالرهن والوقف والهبة ونحوها.

وأمَّا الجمهور فإنهم ذهبوا إلى أن قبض المشاع قبض تام كامل بدليل جواز بيعه، وعلى ذلك يصح التصرف فيه.

وقد نصَّ على هذا المعنى جماعة من علماء المذاهب:

فمن الحنفيَّة: يقول الكاساني مستدلًّا على عدم جواز هبة المشاع: «القبض شرط جواز هذا العقد، والشيوع يمنع من القبض» (١)، ويقول كذلك مستدلًّا على


(١) بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (٦/ ١٢٠).

<<  <   >  >>