الدليل الثاني: أنَّ من أتى بأربعة أشواط فقد أتى بأكثر الطواف، والأكثر يقوم مقام الكل فيما يقع به التحلل في باب الحج كالذبح إذا لم يستوف قطع العروق الأربعة (١).
الدليل الثالث: أنَّ الطواف من أسباب التحلل في الحج والعمرة، وأسباب التحلل يُقام البعض مقام الكل كما في الحلق، إلا أنه اعتبر في الطواف الأكثر ليترجح جانب الوجود، فإن الطواف عبادة مقصودة، والحلق ليس بعبادة مقصودة، فيقام الربع مقام الكل هناك (٢).
[الفرع الثالث: حكم الطواف من وراء الحجر.]
تحرير محل النزاع:
أجمع العلماء ﵏ على أن الشارع أمر بالطواف من وراء الحجر، وأن الطواف من داخله منهي عنه (٣)، إلا أنهم اختلفوا فيمن طاف داخل الحجر هل يصح طوافه مع لزوم الجابر، أم لا يصح مطلقًا؟ قولان لأهل العلم.
الأقوال، وأشهر أدلة الموسع في المسألة:
القول الأول: وجوب الطواف من وراء الحجر، فإن طاف داخل الحجر فعليه دم
(١) انظر: التجريد للقدوري (٤/ ١٨٦٦). (٢) انظر: المبسوط للسرخسي (٤/ ٤٣). ومذهب الحنفيَّة أن المحرم إذا حلق ربع رأسه فقد حل من إحرامه. انظر: التجريد للقدوري (٤/ ١٨٩٠)، تحفة الملوك (ص: ١٦٣). هذا وقد نص الكاساني على أن الواجب في مسح الرأس في الوضوء هو الربع، ثم قال: «التقدير بالربع قد ظهر في كثير من الأحكام، كما في حلق ربع الرأس أنه يحل به المحرم، ولا يحل بدونه، ويجب الدم إذا فعله في إحرامه، ولا يجب بدونه، وكما في انكشاف الربع من العورة في باب الصلاة أنه يمنع جواز الصلاة، وما دونه لا يمنع، كذا ههنا» انظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (١/ ٥). (٣) انظر: الإقناع في مسائل الإجماع (١/ ٢٦٩).