عيب يفسخ به (١)، ونصَّ الشافعيَّة على أنه ليس بعيب (٢)، ولكن عند التحقيق يؤول قول الحنفيَّة والشافعيَّة إلى معنى واحد وهو: أن الخصيَّ إذا أمكنه الوطء فليس بعيب، وإذا لم يمكنه فهو عيب؛ لأنه داخل في معنى العُنَّة (٣)، على حين هو عند المالكيَّة والحنابلة عيب بذاته ولو أمكنه الوطء (٤). وعلى ذلك فلا استثناء في الباب، بل تصحُّ المسألة شاهدة على ضيق الحنفيَّة والشافعيَّة وسعة المالكيَّة والحنابلة، والله أعلم.
[المطلب الرابع: سبب التوسع والضيق في الباب.]
من خلال المسائل المتقدمة يظهر بجلاء أن الحنفيَّة هم أضيق المذاهب في الباب، وأن الحنابلة هم أوسع المذاهب في الباب، وأن الشافعيَّة أقرب إلى الحنفيَّة، وأن المالكيَّة أقرب إلى الحنابلة، وعند النظر في أدلة المذاهب يظهر سبب ذلك، وهو الاختلاف بين المذاهب في السبب الذي من أجله شرع التفريق بالعيوب بين الزوجين.
فالحنفيَّة ذهبوا إلى أن العلة هي عدم التمكن من الوطء فحسب، ولا يعارض هذا المقصد إلا عيب العنة والجب فانحصر التخيير بهما، وأما عيوب المرأة فيمكن
(١) انظر: النهر الفائق شرح كنز الدقائق (٢/ ٤٧١)، الدر المختار وحاشية ابن عابدين (٣/ ٤٩٦). (٢) يقول الشافعي ﵀ في الأم (٥/ ٤٣): «لو نكحها خصي غير مجبوب الذكر لم تخير حتى يؤجل أجل العنين، فإن أصابها فهي امرأته، وإلا صنع فيه ما صنع في العنين» بتصرف يسير. وانظر أيضًا: حاشيتا قليوبي وعميرة (٣/ ٢٦٣). (٣) انظر: المصادر السابقة. (٤) انظر: شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني (٣/ ٤٢٠)، شرح الخرشي على مختصر خليل (٣/ ٢٣٦)، كشاف القناع (٥/ ١١٠)، شرح منتهى الإرادات (٢/ ٦٧٦).