للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قالوا: يحدُّ من وجدت منه رائحة الخمر (١)، وقال الجمهور: لا يحد (٢).

[المطلب الثالث: المسائل المستثناة من التوسع في الباب.]

من خلال ما تقدم يظهر جليًّا أنَّ الحنفيَّة هم أوسع المذاهب في إباحة الأشربة من وجه، وفي درء حد المسكر من وجه آخر، وعند النظر في كتب الخلاف، وفي كتب المذاهب لم يظهر لي ما يخرج عن هذا التقرير، والله أعلم.

[المطلب الرابع: سبب التوسع والضيق في الباب.]

بعد بيان سعة الحنفيَّة في باب الأشربة من جهة أصل إباحتها، ومن جهة درء الحد في المحرم منها يقوم سؤال عن سبب هذا الاتساع، والجواب عن هذا لا يتأتَّى إلا من خلال النظر في أدلة آحاد المسائل الخلافيَّة في الباب، وعند النظر في الأدلة يمكن استنباط سبب الاتساع عند الحنفيَّة.

فأمَّا الجهة الأولى -وهي سعتهم في أصل إباحة الأشربة- فإن ذلك يرجع -والله أعلم- إلى أن الحنفيَّة ذهبوا إلى أن النَّهي عن الخمر غير معلل بعلة يمكن القياس فيها، والخمر عندهم -على ما تقدَّم- خاصٌّ بعصير العنب النيء، ولكن ذهب الجمهور إلى أن علة النهي هي الإسكار ومخامرة العقل، وعليه فكل شراب أسكر كثيره فقليله حرام، سواء قيل بتسميته خمرًا أم لا.


(١) انظر: الجامع لمسائل المدونة (٢٢/ ٥٠٠)، منح الجليل شرح مختصر خليل (٩/ ٣٥٢).
(٢) انظر: البناية شرح الهداية (٦/ ٣٥٤)، مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر (١/ ٦٠٣)، بحر المذهب للروياني (١٣/ ١٢٩)، نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (٨/ ١٦)، التنقيح المشبع في تحرير أحكام المقنع (ص: ٤٤٦)، كشاف القناع (٦/ ١١٨).

<<  <   >  >>