للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعليه فأوسع المذاهب في هذه المسألة من جوَّز الجمع للمرضع، وهم الحنابلة أيضًا. وقد استدلوا على هذه المسألة بأنَّ على المرضع «مشقَّة في التفريق؛ لأن الغالب من حال المرضع أنَّ ثوبها لا يسلم من النجاسة، ففي غسله أو خلعه لكل صلاة مشقة» (١)، والقاعدة في الشريعة: (أنَّ المشقة تجلب التيسير) (٢).

ويمكن أن يستدل لهم أيضًا بحديث ابن عباس المتقدِّم، وذلك أنَّ صلاة المرضع في كل وقت من الحرج المرفوع بقول ابن عباس في سبب الجمع-: «أراد أن لا يحرّج أحدًا من أمته» (٣).

[الفرع الرابع: المسائل الشواهد في الباب.]

بعد بيان المسائل المتقدمة ظهر بوضوح اتساع الحنابلة في جميع ما تقدم من المسائل دون غيرهم من المذاهب، وعند استقراء المسائل الخلافيَّة في باب الجمع بين الصلاتين يظهر ما يؤيد هذا المعنى أيضًا (٤)، وذلك:


(١) التعليقة الكبيرة لأبي يعلى (٣/ ١٠٤). وانظر أيضًا: كشَّاف القناع (٢/ ٦).
(٢) هذه من القواعد الخمس الكبرى التي عليها مدار الأحكام. انظر: الأشباه والنظائر للسبكي (١/ ٤٩)، المنثور في القواعد الفقهية (٣/ ١٦٩)، القواعد للحصني (١/ ٣٠٨)، الأشباه والنظائر للسيوطي (ص: ٧٦)، غمز عيون البصائر في شرح الأشباه والنظائر (١/ ٢٤٥). ولفضيلة الشيخ أ. د. يعقوب الباحسين كتاب في هذه القاعدة اسمه (قاعدة المشقة تجلب التيسير -دراسة نظرية تأصيلية تطبيقية-).
(٣) تقدم تخريجه قريبا.
(٤) أنبِّه إلى أنَّ عامَّة المسائل الآتي ذكرها غير منصوص عليها صراحة في كتب الحنفيَّة والمالكيَّة والشافعيَّة، وإنما يُعرف قولهم في المسألة من حصرهم الأحوال التي يجوز الجمع فيها، فما سوى ذلك يكون على الأصل من عدم الجواز. ولذا ستكون الإحالة في الهامش إلى أقوال الأئمة في حصر مواضع الجمع.

<<  <   >  >>