للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ووجه الدلالة من الحديث ظاهر، إذ الحديث نصٌّ في محل النزاع.

الأمر الثالث: إجماع الأمة على عدم الأخذ (١)؛ إذ لم يُعْرف عن أحد من الأئمة والولاة -عادلًا كان أو جائرًا- أنَّه أخذ من أرض السواد عُشرًا «فالقول بوجوب العشر فيها يخالف الإجماع؛ فيكون باطلًا» (٢).

[المطلب الرابع: سبب التوسع والضيق في الباب.]

من خلال ما تقدم ظهر بجلاء ضيق الحنفيَّة في باب زكاة الخارج من الأرض، وأنَّهم ينفردون عن الجمهور بالقول بوجوب الزكاة في جملة من المسائل، ويرجع ذلك -والله أعلم- إلى سبب واحد، وهو أنَّ الحنفيَّة أخذوا بعموم قول الله تعالى: ﴿وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾ [الأنعام: ١٤١]، وعموم قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ﴾ [البقرة: ٢٦٧]، ونتج عن هذا قولهم: إن زكاة الخارج حق الأرض؛ ولذا أطلق عليها جملة من علمائهم: العشر، يريدون بذلك التفريق بين العشر وبين غيره من أبواب الزكاة؛ كزكاة بهيمة الأنعام، وزكاة النقدين، وزكاة عروض التجارة، وقالوا: إن تسمية العشر زكاةً إنما


(١) انظر: التجريد للقدوري (٣/ ١٢٩٤). قال السرخسي في المبسوط (٢/ ٢٠٨) في استدلاله على عدم الأخذ: «ولأن أحدًا من أئمة العدل والجور لم يأخذ العشر من أرض السواد مع كثرة احتيالهم لأخذ أموال الناس، وكفى بالإجماع حجة».
(٢) بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (٢/ ٥٧).

<<  <   >  >>