القول الثاني: وجوب الخراج والزكاة، وهو مذهب الجمهور (١).
ويظهر في هذا المسألة أنَّ الحنفيَّة أوسع من مذهب الجمهور، وجاءت المسألة على خلاف الأصل المتقرِّر من ضيقهم في إيجاب الزكاة، ومن خلال النظر في أدلة الحنفيَّة في المسألة يظهر أنَّ سبب خروج المسألة من ضيقهم في الباب يعود إلى أمور:
الأمر الأول: أنَّ سبب وجوب العشر والخراج واحد، «وهو الأرض النامية؛ فلا يجتمعان في أرض واحدة، كما لا يجتمع زكاتان في مال واحد وهي زكاة السائمة والتجارة»(٢).
الأمر الثاني: ما روي عن ابن مسعود ﵁ عن النبيّ ﷺ أنه قال: «لا يجتمعُ عشرٌ وخراجٌ في أرضِ مسلم» أخرجه ابن حبان في المجروحين، وابن عدي في الكامل (٣).
(١) انظر: الجامع لمسائل المدونة (٤/ ٣٢٥)، الذخيرة للقرافي (٣/ ٨٧)، مواهب الجليل في شرح مختصر خليل (٢/ ٢٧٨)، الحاوي الكبير (٣/ ٢٥٢)، تقويم النظر في مسائل خلافية ذائعة (٢/ ٦٧)، تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (٣/ ٢٤٢)، الكافي في فقه الإمام أحمد (١/ ٤٠٣)، شرح الزركشي على مختصر الخرقي (٢/ ٤٨١)، كشَّاف القناع (٢/ ٢١٩). (٢) بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (٢/ ٥٧). وانظر أيضا: التجريد للقدوري (٣/ ١٢٩٤). (٣) أخرجه ابن حبان في المجروحين (٣/ ١٢٤)، وابن عدي في الكامل في ضعفاء الرجال (٩/ ١٢٨) كلاهما في ترجمة يحيى بن عنبسة، قال ابن حبان: «يحيى بن عنبسة شيخ دجال يضع الحديث على ابن عيينة وداود بن أبي هند وأبي حنيفة وغيرهم من الثقات»، ثم ذكر الحديث وقال: «وليس هذا من كلام النبي ﷺ»، وهذا الحديث يرويه عن أبي حنيفة. وقال ابن عدي: «يحيى بن عنبسة هذا مكشوف الأمر في ضعفه لرواياته عن الثقات والموضوعات»، والحديث ضعفه جماعة من أهل العلم، قال النووي في المجموع (٥/ ٥٥١): «حديث باطل مجمع على ضعفه انفرد به يحيى بن عنبسة عن أبي حنيفة»، بل قيل في الحديث: إنَّه موضوع. انظر: معرفة السنن والآثار (٦/ ١٢٩)، التحقيق في مسائل الخلاف (٢/ ٣٩)، الموضوعات لابن الجوزي (٢/ ١٥١)، تنقيح التحقيق لابن عبد الهادي (٣/ ٥٧)، نصب الراية (٣/ ٤٤٢)، اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة (٢/ ٥٩)، تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة (٢/ ١٢٨).